اين نحن من خلق الحياء
وبالفعل
ما عانت المجتمعات من المحن، وانتشرت فيها الإحن وتتابعت عليها الفتن إلا يوم ضاع الحياء، فاستبيحت المحرمات، وعانق الناس الرذيلة، وأقصيت الفضيلة بدعوى الحضارة والتمدن.
وقد قيلإن للخير والشر معان كامنة في النفس تعرف بعلامات وسمات دالة
كما قال الشاعر:
لا تسأل المرء عن أخلاقه *** في وجهه شاهد من الخير
فمن سمات الخير: الحياء والكرم
ومن سمات الشر:البذاء واللؤم
حياءك فاحفظه عليك وإنما *** يدل على فعل الكريم حياؤه
وبالتالى فالحياء علامة تدل على ما في النفس من الخير وهو إمارة صادقة على طبيعة الإنسان فيكشف عن مقدار بيانه وأدبه
.فعندما ترى إنساناً يشمئز ويتحرج عن فعل ما لا ينبغي فاعلم أن فيه خيراً وإيماناً بقدر مافيه من ترك للقبائح.
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء: ( من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه )
وقال الشاعر
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه
كما جاء في الحديث: إذا لم تستح فافعل ما شئت
وقد قال الشاعر
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً *** تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا *** حياء لوجهه إلا العناء
وللحياء فضائل عديدة
فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم (الحياء لا يأتي إلا بخير ))وقال : ((الحياء كله خير ))صحيح مسلم
والحياء من الإيمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ((الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان وايضا قول سيد الانام عليه افضل الصلاة والسلام ان لكل دين خلقا وخلق الاسلام الحياءوإنَّ من أعظم فضائله أنه يفضي بأصحابه إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار))
اذا ذهب الحياء من القلب لم يبق فيه خير، وعلى قدر حياة القلب تكون قوة الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح.
إذا لم تخش عاقبة الليالي *** ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء
قال ابن القيم -رحمه الله-: "الحياء مشتق من الحياة، فمن لا حياء فيه فهو ميت في الدنيا، شقي فى
الحياء: سراج منيع، وحصن حصين من الوقوع في المعاصي والمحرمات فمن ذهب حياؤه ذهبت مروءته، ومن ذهبت مروءته قل إحساسه، فلم يشعر بعيب الناس له وانتقاصهم.
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
ورحم الله امرأة كانت فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها فقال أحدهم: تسأل عن ولدها وهي تغطي وجهها.فسمعته فقال:( لأن أرزأ في ولدي خير من أن أرزأ في حيائي ايها الرجل ).سبحان الله..
أين هذه المرأة من نساء اليوم تخرج المرأة كاشفة وجهها مبدية زينتها لا تستحي من الله ولا من الناس أضاعت ولدها فعند الله لها العوض والأجر أما المرأة التي فقدت حياءها وإيمانها فما أعظم الخسارة وما أسوأ العاقبة
.فتاة اليوم ضيعت الصوابا ***والقت عن مفاتنا الحجابا
فلم تخشى حياءمن رقيب***ولم تخشى من الله الحسابا
اذا سارت بدا ساق وردف***ولو جلست ترى العجب العجابا
إن الحياء خلق رفيع لا يكون إلا عند من عَزَّ عنصره ، ونَبُل خلقه ، وكَرُم أصله .
إذا قلَّ ماءُ الوجْهِ قلَّ حياؤه *** ولا خير في وجه إذا قلَّ ماؤه
حياءَك فاحفظه عليك فإنما *** يدل على وجه الكريم حياؤه
اللهم حبب إلينا هذا الخلق وزينه في نفوسنا ، اللهم آت نفوسنا تقواها ...
بقلم
د\محمود عبدالرحمن