حيفا هي مدينة كنعانية قديمة من مدن ما قبل التاريخ مقامة على جبل الكرمل.
تقع حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال فلسطين عند التقاء دائرة عرض 32.49 شمالا وخط طول 35 شرقا وهي نقطة التقاء البحر المتوسط بكل من السهل وجبل الكرمل، وهذا جعلها نقطة عبور إجبارية، إذ يقل اتساع السهل الساحلي عن 200 متر.
موقعها الإستراتيجي جعل منها ميناء بحريا أصبح الأول في فلسطين، كما جعل منها بوابة للعراق والأردن وسوريا الجنوبية عبر البحر المتوسط.
وهي ذات أهمية تجارية وعسكرية طوال فترة تاريخها، ولهذا تعرضت للأطماع الاستعمارية بدءاً من الغزو الصليبي وحتى الاحتلال الصهيوني.
وقد امتدت إليها خطوط السكك الحديدية لتربطها بالمدن الفلسطينية والعربية، من غزة واللد إلى بيروت وطرابلس ودمشق.
أما اسمها فيرى البعض أنه جاء من كلمة حفا بمعنى شاطئ، وقد تكون مأخوذة من الحيفة بمعنى الناحية، ويرى البعض الآخر أن الأصل في الحيفة المظلة أو المحمية، وذلك لأن جبل الكرمل يحيط بها ويحميها ويظللها.
وقد وردت في الكتب القديمة باسم سكيمينوس، وسماها الصليبيون باسم كيفا وأحيانا سيكامنيون وتعنى باليونانية شجرة التوت، وربما يرجع ذلك إلى كثرة أشجار التوت في حيفا.
فتحت حيفا في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، على يد عمرو بن العاص عام 633م، ونتيجة لذلك بدأت القبائل العربية بالاستقرار في فلسطين، وعلى وجه الخصوص في مناطق الساحل الفلسطيني، وبقيت حيفا جزءا من الدولة الإسلامية طيلة العهد الأموي والعباسي.
بدأ الاستيطان الأجنبي في المدينة عام 1868 من قبل مجموعة عائلات ألمانية قادمة من جنوب غرب ألمانيا، وقد أقام هؤلاء مستوطنة لهم في القسم الغربي من المدينة وتلاحق بناء المستوطنات الألمانية في منطقة الساحل، وقد مهدت هذه المستوطنات في النهاية لإقامة أول حي ألماني على الطراز الحديث في المدينة، وهو حي "كارملهايم" في جبل الكرمل.
وهكذا ساهم الألمان في تطور مدينة حيفا من خلال ما جلبوه من وسائل وأساليب زراعية حديثة، إلا أنهم في الوقت نفسه كانوا يمثلون الحلقة الأولى من سلسلة الأطماع الاستعمارية، التي أدت في النهاية إلى إقامة الكيان الصهيوني الدخيل فوق الأرض الفلسطينية.
وبعد خروج بريطانيا منتصرة من الحرب العالمية الأولى عام 1918م، أصبحت فلسطين خاضعة للانتداب البريطاني.
وفي 21 أبريل/نيسان 1948 أبلغ الحاكم العسكري البريطاني العرب قرار الجلاء عن حيفا في حين كان قد أبلغ الجانب الصهيوني بذلك قبل أربعة أيام، وكان هذه الإعلان إشارة البدء للقوات الصهيونية لتنفذ خطتها في الاستيلاء على المدينة وكان لها ما أرادت.
وبعد احتلال اليهود للمدينة أجبر سكانها العرب الفلسطينيون على مغادرتها وصودرت منازلهم ولم يسمح لهم بالعودة إليها ليحتلها المهاجرون اليهود الذين تزايدوا فيما بعد ليصل عددهم الآن إلى نحو 300000 نسمة.
وتشتهر حيفا بزراعة المحاصيل كالقمح والشعير والعدس والحمضيات والخضراوات وتكثر فيها أشجار العنب والزيتون واللوزيات التي تنمو على مرتفعات الكرمل.
كما تنشط بها كثير من الصناعات وحركة التجارة من خلال شبكة الطرق والسكك الحديدية الخارجية بالإضافة إلى ميناء حيفا الذي ساهم في تصدير كثير من منتجات فلسطين والأقطار العربية المجاورة.
تضم حيفا مجموعة من المعالم الدينية والتاريخية والسياحية التي تشجع السياح على زيارة المدينة.
كانت حيفا من كبريات المدن الفلسطينية قبل عام 1948، تضم 18 عشيرة و52 قرية، دمر منها العديد من القرى لإقامة المستوطنات الإسرائيلية، حيث أصبحت تضم 90 مستوطنة، ومازالت اليوم ثالث أكبر مدينة في فلسطين المحتلة من حيث عدد السكان، بعد القدس وتل أبيب، وهي مركز صناعي وتجاري رئيسي.
ويوجد بها ثاني أكبر مصفاة للنفط -والأخرى في أشدود- تقوم عليها صناعات كيماوية ضخمة، كما توجد بها قاعدة أمير كية وترسو على ساحلها قطع من الأسطول السادس الأمير كي