قال تعالى: { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ } [الرحمن: 19- 20].
الحقيقة العلمية:
لم يعرف أن البحار المالحة مختلفة في التركيب وليست بحراً متجانساً إلا عام 1873م عندما طافت رحلة تشالنجر في البحار ثلاثة أعوام، وفي عام 1942م فقط ظهرت لأول مرة نتيجة أبحاث طويلة جاءت نتيجة لإقامة مئات المحطات البحرية في البحار فوجدوا أن المحيط الأطلنطي مثلاُ لا يتكون من بحر واحد بل من بحار مختلفة وهو محيط واحد فتختلف كتلة المائية في درجات الحرارة و الكثافة والملوحة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين، هذا في المحيط الواحد، فضلاً عن بحرين مختلفين كالبحر الأبيض والبحر الأحمر، والبحر الأبيض والمحيط الأطلنطي، والبحر الأحمر وخليج عدن يلتقيان أيضاً في مضايق معينة، ففي 1942م عرف لأول مرة أن هناك بحاراً تلتقي فيها المياه لكن بعضها يختلف عن بعض في الخصائص والصفات، ومياه البحار ليست ساكنة وإنما في حركة دائمة تجعل كتل المياه تتداخل فيما بينها لكنها تظل محافظة على صفات كل منها في درجة الملوحة ودرجة الحرارة والكثافة، والمد والجزر والتيارات المائية والأمواج والأعاصير كلها عوامل تجعل مياه البحار في حركة دائمة ومع ذلك لا تمتزج الكتل البحرية المتباينة الخصائص وكأن هناك حاجزاً يفصل بين كل بحرين متجاورين في محيط أو في مضيق.
وجه الإعجاز:
تتحدث الآيات الكريمة عن بحرين مالحين متجاورين متداخلين ويحتفظ كل منهما بخصائصه، وكأن بينهما حاجزاً يمنعهما من الاختلاط، وذكر الؤلؤ والمرجان في الآيات دليل على أنهما بحرين مالحين، لأنهما لا يستخرجان إلا من البحار المالحة التي تبدو واحدة بنفس الخصائص لكنها في الحقيقة كثل متجاورة ذات خصائص متمايزة.
تبدو المحيطات والبحار المالحة المتجاورة بالعين المجردة كأنها كتلة مائية واحدة متحدة الصفات، لكنها في الحقيقة جملة كتل مختلفة الصفات في الملوحة والحرارة والكثافة، ولم يدرك ذلك إلا باستخدام التقنيات الحديثة ومع ذلك ذكر القرآن الكريم تلك الأوصاف، فدل على تمايز كل بحرين مالحين متجاورين لأنهما يتداخلان فيما بينهما دوماً ولا يمتزجان وكأن بينهما حاجزاً يمنع اختلاط مياههما، أليس هذا دليلاً واضحاً على القرآن كلام الله!
{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْانُ اَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [يونس:37].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » [رواه ابن ماجه].
الحقيقة العلمية:
كشف العلم الحديث على يد علماء الكائنات الدقيقة خلال القرنين الماضيين أن هناك مجموعة من البكتريا والفطريات والفيروسات لا تنتقل للإنسان إلا عن طريق ممارسة الجنس بطرق شاذة ...
كالعلاقات العديدة غير المحددة بين الرجال والنساء، والعلاقات الشاذة بين الرجال والرجال وبين النساء والنساء، وأنه إذا اتسعت دائرة هذه العلاقات فإن المجتمع مهدد بأمراض وبائية غير مسبوقة، لأن هذه الجراثيم تغير خواصها باستمرار مما يجعلها مستعصية العلاج، كما أن الجسم لا يستطيع مقاومتها لانعدام المناعة ضدها، ومن الممكن أن تظهر بصور وصفات جديدة في المستقبل، ومنذ سنوات قليلة مضت سميت هذه الأمراض بالأمراض التي تتنقل بواسطة الفواحش وتسمى اختصاراً (S.T.D).
وجه الإعجاز:
يكشف لنا الحديث النبوي عن سنة إجتماعية عامة يمكن أن تقع في أي مجتمع تتكون من مقدمة ونتائج...
فالمقدمة: شيوع العلاقات المحرمة كالزنا والعلاقات الشاذة وعدم تجريمها والرضا بها، ثم الترويج لها، وهو ما اصطلح عليه بالإباحية الجنسية.
والنتائج المترتبة على هذه الإباحية: شيوع الأمراض الجنسية وانتشارها بصورة وبائية مدمرة وظهورها بصور جديدة في الأجيال التالية.
هذا وقد تحققت هذه السنة الجارية في كثير من المجتمعات، فقد انتشرت فيهم العلاقات المحرمة والشاذة وارتضوها كسلوك اجتماعي بل وروّجوا لها بكل طرق الإعلانات ... فهل تحققت النتائج ..؟
نعم لقد ظهرت فيهم الأمراض الجنسية في صورة وبائية سببت لهم من الآلام والأوجاع الشيء الكثير، فقد شهد العالم موجات كاسحة من انتشار وباء الزهري، حطم حياة الملايين، كما يتصدر مرض السيلان قائمة الأمراض المعدية، فهو أكثر الأمراض الجنسية شيوعاً في العالم، ثم ظهر مؤخراً مرض الإيدز المرعب القاتل والذي يدمر فيروسه جهاز المناعة في الإنسان فتتدمر أعضاؤه واحداً بعد الآخر في سلسلة من الآلام والأوجاع التي لم يعرفها البشر من قبل وهكذا تحقق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
أليس هذا دليلاً إضافياً على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله حقاً ؟؟
فتبارك الله القائل: { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [النمل:93].
قال تعالى: { فَلَا اُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ } [التكوير:16:15].
الحقيقة العلمية:
تمثل النقوب السوداء Black Holes مرحلة الشيخوخة في حياة نجوم عملاقة أكبر كتلة من الشمس بأكثر من خمس مرات، وتتميز الثقوب السوداء بكثافة كبيرة وجاذبية بالغة الشدة بحيث لا يفلت من أسرها شيء حتى الضوء نفسة البالغ السرعة (حوالي 300 ألف كم ثانية)، ومن كانت تسميتها التي تعكس وجود مناطق كالثقوب في صفحة السماء اختفى فيها كل شيء فبدت فجوات، وهذه النجوم العملاقة المختفية أو المتوارية تكنس في طريقها كل شيء يقاربها حتى النجوم ولذا سميت بالمكانس العملاقة Giant Vacuum Cleaners وقد دلت عليها الحسابات النظرية التي قام بها كارل شفارز تشايلد Child Karl Schwars عام 1916م وروبرت أوبنهاير Oppenheimer Robert عام 1934م ومنذ عام 1971م تزايد احتمال وجودها تأكيداً، ويعتقد العلماء بأن مركز مجرتنا ( درب التبانة ) على سبيل المثال عبارة عن ثقب أسود.
وجه الإعجاز:
نفي القسم في أسلوب القرآن الكريم تأكيد له وكأنه تعالى يقول: لا حاجة للقسم مع تلك الحجة البينة، وقد ورد القسم في معرض الاستدلال على أن القرآن وحي من عند الله، قال تعالى: { فَلَا اُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ اِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ اِذَا تَنَفَّسَ * اِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [ التكوير: 15,16,17,18,19]
وتنعكس عظمة القسم وأهميته في الاستدلال على المقسوم به وهو هنا مذكور بصفات تلتقي تماماً مع صفات ما يسمى بالثقوب السوداء، فهي في الأصل نجوم تجري في مداراتها فيصدق عليها الوصف باللفظ (جوار)، وأما اللفظ (خنس) فيتطابق معها بكل معاينة في اللغة ومنها: التواري والاحتجاب والاختفاء، والتراجع والاندثار بعد ظهور وازدهار، وهي بالفعل نجوم عملاقة هوت في نهاية أعمارها وانكمشت مادتها واستترت ولا يظهر منها أية ضوء، والسبب شدة جاذبيتها التي تجعلها تكنس كل شيء يجاورها في طريقها وتبتلعه فتزداد كتلة وقوة: وهنا يتجلى وصفها بلفظ (الكنس) أو المكانس العظام، والمعرفة بتلك الأوصاف حديثة، لذا فإن ورودها في القرآن الكريم بألفاظ تدل عليها بدقة في معرض تأكيد الوحي به لدليل حاسم على أنه كلام الله الخالق، فتبارك الله القائل: { اِنْ هُوَ اِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَاَهُ بَعْدَ حِينٍ } [ص:87,88]