خطوط حمراء
1
أكتبُوا على شاهد قبري بخطٍّ عريض :
هنا يرقدُ رجل حاول أن يكتبَ دون أن يكذب
ثم بخط رفيعٍ ذيِّلوها :
يكفِهِ شرفُ المحاولة !
2
مدرِّسُ التربية الوطنية الذي كان يُخبرنا أن حبَّ الوطنِ عبادَة
تبيَّنَ أنَّه كانَ يعبدُ راتب آخر الشَّهر
لقد ماتَ البارحة وكان آخر ما قال :
إن الوطنَ " قُن " والمناهج ليست إلا فقَّاسة لإنتاجِ الدواجن !
3
قلنا له : يا وليَّ الأمرِ بإمكانِ هذا الوطن أن يكونَ جميلاً كيُوسف
فقال : حسناً ، " آتوني به أستخلصه لنفسي " !
4
إنَّها لفَاجعة أن يحدثوكَ أن الكل في هذا الوطنِ سواسية كأسنانِ المشط
ثم تكتشف أن الوطنَ بالأساسِ أصلع !
5
الشياطينُ لا تستطيعُ ابتكار آثامٍ جديدة
إنها فقط تراقبُ ما نفعله
ثم تمرره للآخرين !
6
الأرضُ هي أول من فكّر بإعادة التصنيع
فقد حوّلت البشر التافهين إلى نفط !
7
أنا لا ألومكِ على أيّ ألمٍ سببتِهِ لي
وحدهم الأعداء يتقاتلون بشرف
ونحن كنا مُجرد حبيبين !
8
النُّمو لا يحتاجُ إلى مهارة
بيتُ القصيدِ يكمنُ في النضج !
9
أيها الشِّعرُ أنتَ تستحقُّ العزاءَ
فقد تمرغت القصائدُ على بلاطِ صَاحبِ الدِّيوان !
10
أشهى سيجارةٍ دخّنها جدي
كانتْ على قبر الطبيب الذي قال له :
إن التدخينَ سيقتُلكَ باكراً !
11
تسأليني : لِمَ تركتَ قلبكَ على جدارِ غرفتي
فأجيبك : أنا كجُحا أحتاج إلى مسمارٍ لأعود !
12
كانَ من الطبيعي أن نتوه
فقد أنفقنا وقتاً طويلاً في اختيار الأحذية
ونسينا أن نختارَ الطريق !
13
حين أنجبتُ كنتُ أعيد تمثيل جريمة اسمها الحياة
وحين انسدلت الستارة
اكتشفتُ أني صِرتُ أباً !
14
منذ القِدَمِ ونحن تجار كلام
حتى الصعاليك الذين خرجوا على القبيلة
ما أرادوا إلا أن يطالبوا بحقهم في الكلام !
15
الأدمغةُ القابلة للغسيل
هي أدمغة لم تكن متسخة أصلاً !
16
عندما تنتقلون لمنازل جديدة
ارموا فتات الخبز في الدرب الموصلة إليها ليستدل عليكم الفرح
أما الحزن فلا تقلقوا بشأنه
إنه كالمتسول يملك خارطة للمدينة !
17
كنت كل ليلة أشقُّ صَدري وأنادي :
أيها النَّاسُ من دخل قلبي فهو آمن
فدخل الجميع ووقفتِ أنتِ على العتبة وقلتِ :
اذهبوا فأنتم الطلقاء !
.
.
18
على ثيابه رائحة امراة رخيصة
وفي فمه طعم امرأة أرخص
وفي ذاكرته امرأة واحدة هي تلك التي قالت له يوما ً :
الشرف أغلى من المال !
.
.
19
المغفَّلُ الذي قال : إن المال لا يشتري الصحة
كان ثريا كيلا تركله المستشفيات
والأبله الذي قال أن السرير ليس كل ما نحتاجه لننام
لم يبت ليلةً واحدةً في العراء
والأحمقُ الذي قال إن الحرية تُساوي الدنيا
ماتَ عبداً دون أن يعرف أن الأحرارَ مكانهم السجون !
.
.
20
أنا أؤمن أننا ننتجُ من الدُّموعِ أكثر مما ننتِجُ من النَّفط
فأكثرُ الذين أعرفهم
لا ينامون قبل أن يتناولوا جُرعتهم اليومية من البُكاء !
.
.
21
لا أعرفُ الحكمةَ من وجود البنج في المُستشفيات العربية
فنحنُ بالأساسِ شعبٌ مُخدَّر !
.
.
22
أول خطأ يرتكبه الإنسان هو أن يؤمن
أنه أسمى من أن يرتكب الأخطاء !
.
.
23
حين رمى نفسَه في النار لينقذها قالت له :
أتريد أن تثبت لي أنك مجنون
قال : لا
أردتُ فقط أن أخبركِ أني أحبكِ حتى الإشتعال !
.
.
24
لأنهم أخبروني أن المرءَ لا يتعلَّمُ إلا من كيسِه
اشتريتُ كيساً كبيراً وحملته على ظهري
وبعد أن امتلأ
اكتشفتُ أني لم أتعلم شيئاً !
.
.
25
إننا مُولعُون بقراءة التاريخ
هكذا نحن نحبُّ قراءة الأشياء
التي لم نشترك في كتابتها !
.
.
26
في هذا العالم المتخمِ بالأعداءِ
إنه لمن الرفاهية
أن تضعَ رأسكَ على الوِسَادةِ وليسَ لك إلا عدو واحد !
.
.
27
المرأةُ تتأذى من الرجلِ الذي يُعاملها كبائعةِ هوى
وتتأذى من الرجلِ الذي يُعاملها كقديسة
ببساطة ، هي مزيج من الإثنين معاً !
.
.
28
منذ اليوم الأول لك في الحياة يحشونك بالقهر
فإذا ما صرتَ عبوةً موقوتة وانفجرتَ قالوا :
إرهابي !
.
.
29
ما دام أن إكرام الميت دفنه
لِمَ لم يُشيِّعونا بعد ؟!
.
.
30
مذ كنا صغاراً والإمام يقول لنا :
حاذُووا بين المناكبِ وسدوا الخلل
فحفظنا أقدام بعضنا عن ظهر قلب
ولكا كبرنا وجدنا قلوبنا شتى !
.
.
31
الشَّهادةُ الوحيدةُ التي لا تحتاجُ لكفاءةٍ
هي شهادةُ الوفاة !
.
.
32
الذين صافحوني بحرارة يوم دخلتُ القفص الذهبي
لم أجد أحداً منهم يعزيني
يوم ذهبَ الذَّهبُ وبقي القفص !
.
.
33
في هذا الوطن يأتي الفرحُ على استحياءٍ كعذراء
ويأتي الحزنُ سافراً كفاجرة !
.
.
34
في دُورِ العجزةِ نرى مافعله الأبناءُ بأهاليهم
وخارجها نرى ما فعله الأهل بأبنائهم
باختصار الحياة عقوقٌ مُتبادل !
.
.
35
هل عليّ أن أقف بباب المسجدِ وأمدُّ قلبِي للناسِ
لتعرفِي أني فقيرٌ بدونكِ !
.
.
36
سَامحينِي يا أمي لأني وشيتُ بك
فقد أخبرتُ المُحققَ البارحة
أنكِ دوماً تُحرِّضِيني على الحياة !
.
.
37
الذي اشترى لوحةَ سيَّارةٍ بمليون دولار
لم يكن يعرف أن في المدينة أشخاصٌ يزحفون
لأنهم لا يملكون ثمنَ كرسيٍّ مدولب
صدقوني لو عرف لتصرَّفَ بطريقةٍ أخرى
كأن يدهسَ أحدهم !
.
.
38
اعترافي بأني أحبكِ هو اعترافٌ باطل
فقد كنتِ وقتها تنظرين إليّ
هذا بالضبط ما يسمونه اعترافٌ تحتَ التَّعذيب !
.
.
39
أَخفُوا عنا تفاحة ابن الخليفة الذي كان يحلمُ بها سراً
كي لا يجرحَ قلبَ / فقرَ أبيه
فقط أخبرونا عن تفاحة نيوتن
لهذا كبرنا ونحن نحترفُ السُّقوط !
.
.
40
حين نكتبُ عن أحزاننا
فهذا اعترافٌ ضمني أنها لم تعُد أحزاناً
صَدقوني لا يوجد حزنٌ قابل للذوبان بنقطة حبر !
.
.
41
إن الله علّم آدم الأسماء كلها
وآدم علّم أبناءه
وأنا الولدُ العاق الذي لم يحفظ إلا اسمكِ !
.
.
42
كل الذين عارضوني في وجهات النظر علموني كثيراً
حتى أولئك الذين كانوا على خطأ
تعلمتُ منهم كيف يفكّر الآخرون !
.
.
43
أليس من المُجحفِ أن نربي أولادنا ليكونوا كالآخرين
ثم نعاقبهم لارتكابهم أخطاءَ قديمة !
.
.
44
في الحروبِ يخسَرُ الجميعُ
باستثناءِ بائِعي الأكفانِ والأرامِل !
.
.
45
كُنا قديما نقول :
لكلِّ قاعدةٍ شواذ
وفي زمن أمريكا صار الشَّاذ الوحيد هو " القاعدة " !
.
.
46
لا أعرفُ لمَ طلبَ مني صديقي المحامي أن أُنقِّح رسالته في الإفلاس
ألأني جيد في اللغة أم في الإفلاس !
.
.
47
الطفلُ الذي شرقَ بحليبِ أمه ومات
عرف مبكراً أن بإمكان الموتِ أن يستغنيَ عن الأعداء !
.
.
48
وحين تَخرجينَ يا أمي تحتَ المطر
أسمعُ الماءَ يقولُ للماءِ :
الآن بطُل التيمم !
.
.
49
أنا أكرَه أنصافَ الحُلولِ في كل شيء
لهذا أجدني أحبُّ أعدائِي أكثر مما أحبُّ أنصافَ أصدقائِي !
.
.
50
وتسألينِي بخُبثٍ : لمَ يفشلُ فنجان القهوة في إبقائي ساهرة
فأجيبك ببلاهة : القهوة التي تلمس شفتيكِ تدخلُ في غيبوبة !
.
.
51
قال لي لما نفذ منه التبغ :
الغبيُّ يتزوجُ امرأةً فاتنة
والطبيعيُّ يتزوج امرأةً عادية
قلتُ له : وما يفعلُ الأذكياءُ يا جدي
قال : ليتسع صدرُكَ لسرِّ جدك ولتحمِه من بطشِ جدتك
فإذا مِتُّ بلِّغ عني : الأذكياءُ لا يتزوجون !
.
.
52
إلى صديقي القديم :
خفف عنك نشوة النصر
فقد تبيّن لي أن قلبي كسفينةِ نوح يحملُ البشرَ والبهائِم !
.
.
53
أجدني دوما مشدوداً إليكِ
أتراهم يا أمي نسوا أن يقطعوا بيني وبينك الحبلَ السريّ
.
.
54
في الصَّباحِ كانوا يعلموننا أن البرازيلَ تزرعُ من القهوة
ما يكفي هذا العالم ليبقى مستيقظاً لسنواتٍ
وفي المساءِ كانوا يخبروننا أن التجوال ممنوع
وأن المواطنَ الصَّالحَ ينام باكراً !
.
.
55
نحن نعاني أزمة حكم
أما الحُكَّامُ فمتوفرون بكثرة
ألا ترى معي يا صاحبي أنه كلما ماتَ هرقلٌ جاءَ هرقل !
.
.
56
الذي أضاعَ راحلتَه قديماً تندرنا عليه وقُلنا :
عادَ بخُفَيْ حُنين
ويلنا من الأجيالِ القادمة
أضعنا القُدسَ وبغدادَ وعُدنا حُفاة !
.
.
57
الذين يظنُّونَ أنَّ كلَّ شيءٍ قابلٍ للشراء
يؤمنون أن الحبَّ رخيصٌ
ببساطةٍ لأن الفقراءَ بإمكانهم أن يُحبوا أيضاً !
.
.
58
حمداً لله أنّ الأرضَ هي الكوكبُ الوحيدُ المأهول
وإلا سيكون موقفنا بايخاً أمام سكان الكواكبِ الأخرى
لو عرفوا أننا استغرقنا آلاف السنين
لنعرف لماذا يسقطُ التفاح بدل أن يطير !
.
.
59
الحب الحقيقي هو ذاك الذي تحمله كالوشم في قلبك طول العمر
تماماً كما تحمل أثر طعم الجدريّ على كتفك !
.
.
60
ليس موحشاً دوماً أن تضعَ يدكَ على صدركَ
ولا تجد في قلبك أحداً !
.
.
61
علاقتنا بأوطاننا أشبه بعلاقة حُبٍّ من طرفٍ واحد
فبرغم أنَّ الحب عاطفةٌ نبيلة
إلا أنه من المُخجلِ الحديثِ عن علاقةٍ أُحادية الجانب !
.
.
62
الإقامة في الوطن ليس مؤشراً على ارتفاع منسوب الوطنية
إنه دليلٌ على ارتفاع منسوب الفقر
فكثيرون لا يملكون ثمن تذكرة سفر !
.
.
63
كل رجل سيحبكِ بعدي سيبحثُ فيكِ عني
وكل امرأة سأحبها بعدكِ ستبحثُ فيني عنكِ
فقد تذكرنا أن نفترق
ونسينا أن نحزم الحقائب !
.
.
64
سكان الأبراج ليسوا أقرب للسَّماءِ من سُكان الأكواخِ
فكل ارتفاعٍ ثمنه هبوط ما !
.
.
65
أنا لا أطلبُ كثيراً
فقط فنجان قهوة ليس فيه طعم غيابك
وحقيبة أتذكر أن أحزم فيها أغراضي وأنساكِ
ومطار محشو بغرباء لم يعرفوكِ يوماً ليعزونني