ا لـو ا ســطـــة و ا لــمــحـســــو بــيـــة
بقلم عمر قديسات (ابو صهيب)
بداية لا بدا ان نعلم ان لمفهوم الواسطة السائد حاليا اتجاهان متناقضان اثرا في حركة المجتمع ، فالاتجاه الاول ذا قيمة اخلاقيه راقية لسلوك يخدم الفرد والمجتمع وذا اثر بنّاء في حياة الناس عامة كمساعدة صاحب الحاجة الفعلية لنيل حاجته سواء عند الناس او في مؤسسات الدوله ، وحل النزعات الفردية والجماعية وتسوية الامور العالقة والكثير مما يعود بالخير والفائده على الافراد والجماعات ، ونحن معنيون بالحفاظ على هذا الاتجاه للواسطة وتنميته كعنصر بناء ورقي ، … والاتجاه الاخر عنصر هدم وتخلف انتج وينتج فسادا في المجتمع والمؤسسات العامة والخاصة وهو مدار حديثنا.
لقد اصبحت الواسطة ظاهرة وثقافة عامة ترسخت في نفوس الناس يسعون لها حثيثا لجلب المنافع لهم بدون وجه حق وخاصةلدى مؤسسسات الدولة من خلال اصحاب النفوذ وصناع القرار او من ذوي العلاقات الواسعة ، وشاع تسميتها بالمحسوبية حيث هي محاباة فعليه لفرد او جماعة على حساب هضم حقوق الغير مما سبب خللا وعدم توازن في نسيج المجتمع والخدمات المقدمة له .
ان اكثر ما يطفو على السطح من فساد للواسطة والمحسوبية هو في التعيينات بالوظائف الحكومية ، حيث يتم نسف مبدأ تكافؤ الفرص ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب ، فنجد الكثير ممن تلاشت فرصهم بالوظائف لتجييرها لمن يرتبطون بعلاقة ما باصحاب النفوذ والقرار ، مما ادى الى هبوط مستوى الانتاج الاداري وغيره ، وافرز ظاهرة التوريث الوظيفي وخاصةفي المناصب العليا او الحساسة ، وساعد في الجانب الاخر على تضخيم البطالة وغرس الضغينة والحقد في النفوس .
ومن يرصد حركة المؤسسات العامة والخاصة يلاحظ كمّاً من التجاوزات بسبب الواسطة كترقيات وتنقلات واستثناءات وعطاءات تحال على المنتفعين محاباة مع وجود من هم احق بها مما اثر ويؤثر على ميزانية الدولة ، وغير ذلك من التجاوزات
التي تقتل روح العطاء والانتماء لدى من هُضم حقهم واعطي لغيرهم ، وتعدت الواسطة للقبولات الجامعية ورفع معدلات
بعض الطلاب فيها ، ولا يكاد المرؤ ان يحيط بمدى تعلق الناس بالواسطة حيث الكثير من الناس لا يتحرك لمراجعة اي دائرة حكومية او مستشفى او بلدية او غيرها الاويأمل بالواسطة ان تقدم له شئ ولو كان بسيطا جدا كتقديم دور فارقه دقائق معدودة .
اما اسباب ظاهرة الواسطة فكثيرة اهمها غياب العدالة والمساواة وعدم الالتزام بالقوانيين والتشريعات اظف لذلك بعض المعايير الاجتماعية والعشائرية السائدة ، فنلاحظ ان صاحب القرار والنفوذ المنضبط بالقوانيين والانظمه ولا يحابي احد على حساب غيره محارب اجتماعيا على انه ضعيف ولا ينتمي للعشيرة او المجتمع وغير ذلك ، اما من يتجاوز القوانيين والانظمة و يضرب بها عرض الحائط خدمة لمن يدورون في محيطه يهلل له الناس ويعتبرونه الرجل الرجل .
والسؤال الذي يطرح نفسه : ما هو الحل ؟
قد يكون الحل صعبا مبدئيا لكن يجب المحاولة حتى تتلاشى هذه الظاهرة السلبية ، ويكمن في تشديد القوانيين والتشريعات مع التشديد على التقيد بها ، ورفع مستوى الثقافة الايجابية لدى الناس لتشكل وعيا لدىهم يجعلهم منضبطين سائلا ومسؤلا بالانظمة وفهم وتطبيق معنى الكل متساوون في الحقوق والواجبات داخل هذا الوطن … وخير انضباط يكون بامر الله عزوجل وهو
القائل في كتابه الكريم : ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها …وقوله عزوجل : ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها …
واخيرا اطرح هذا السؤال :
لماذا الكل يقول انا لا اؤمن بالواسطة ولا احبها والكل يسعى لهابقوة ؟