الإلهام ليس نسخة بل نقطة بداية ننطلق منها لتأخذنا إلى ابتكار شيء جديد، بهذه العبارة بدأ المصمم كارل لاجرفيلد عرضه الراقي لمجموعة عام 2011 “باريس- بيزنطة”، الذي أقيم في صالون مدام كوكو شانيل الخاص في باريس، بحضور جمع غفير من محبيه وعشاقه من نخبة المجتمع والمشاهير والإعلاميين.
لعل تنقل المصمم كارل لاجرفيلد وسفره بين مدن العالم هو ما يمنحه كل هذا الشغف والحب، ويمده بالاندفاع ليستوحي مواضيع لمجموعاته البديعة من شتى بقاع الأرض، فبعد عرضه في العام السابق في مدينة شنجهاي الصينية، وقبلها في كل من موسكو، ومونت كارلو، وطوكيو، ونيويورك، ولندن، جاء العرض الأخير ليحط الرحال في العاصمة الفرنسية، وليعبر المصمم من خلاله وبشفافية لافتة عن رؤيته المتفردة للأناقة وقراءته الخاصة للتاريخ الإنساني والحضارات القديمة.
لهذه المجموعة اختار الألماني لاجرفيلد أن يعود بالذاكرة لقرون مضت، وأن يتوغل بنا إلى القرن السادس تحديدا، ليستلهم إيحاءاته من هناك، ويستعيد فصولا درامية من الحب، النجاح، والقدرة على التغيير، متأثرا بشخصية الإمبراطورة البيزنطية “تيادورا” وقصتها الغريبة مع الحياة، والتي تعد من أقوى الإمبراطورات وأكثرهن تأثيرا في التاريخ، حيث بدأت حياتها المتواضعة كممثلة صغيرة في السيرك في مدينة الإسكندرية لتتحول فيما بعد لملكة أسطورية متوجة، بعد عشقها لوريث العرش جاستن الأول ثم زواجها منه، لتعيش معه سنوات من الحب والفرح، وتحقق له مقاليد القوة، النصر، والقدرة على الحكم.
ومن حلمه البيزنطي، انطلق لاجرفيلد بتحد ونبوغ، ليأخذ استشراقات تغذي خياله من زمن الأباطرة والبلاطات الملكية القديمة، حيث كانت عناصر الفخامة، الفن، والغنى هي التي تحدد أسلوب الحياة، موظفا موضوع المجموعة باريس- بيزنطة بذكاء وحرفية، ليستلهم مفردات جمالية من ترف الإمبراطورة تيادورا وقوة شخصيتها اللافتة، فيضعها بإطار فني جديد ومبتكر وضمن الصورة الكلية والشاملة لطراز كوكو شانيل وحسها الكلاسيكي الأنيق في الزمن المعاصر، حيث ركز تحديدا على إظهار موديلات تذكر بخطوط عريضة من فترة الستينيات من القرن الماضي.
وقدم لاجرفيلد تشكيلة واسعة من الفساتين، التايورات، البنطلونات، القمصان والمعاطف، حيث ظهرت أشكال من تايورات التويد المنسوج والمؤطر على الأطراف بحواف مطرزة، مع فساتين سوداء قصيرة مثيرة، ومكشكشة من الدانتيل والشيفون، وبنطلونات مستقيمة ضيقة من الصوف، لتعلوها قمصان غنية من الأورجنزا الطبيعي، مع سترات أو معاطف محيوكة من قماش التويد المخلوط بالدانتيل.
وكان للاكسسوار دور مهم في عرض لاجرفيلد البيزنطي الأخير، فلعب دور البطولة تقريبا في كل قطعة وموديل، واستخدم بأسلوب ذكي ومتقن، فصاحب كل تصميم ظهر على منصة العرض، فخرجت العارضات بستايل ملكي راق، بشعورهن المرفوعة بتسريحة الشنيون مع تيجان وأطواق مرصعة في المنتصف، عناصر مختارة بعناية من مجموعة المجوهرات المطلية بالذهب المطعمة بأحجار العقيق، الأونيكس، والجرانت، مع بروشات رائعة مصاغة بترف، ومزينة بالكريستال، وباقة من القلائد المتألقة بالأحجار الشبه كريمة، وأشكال عدة من الأساور الذهبية العريضة المطعمة بالآلئ والأحجار الملونة بدفء وغنى، ولا ننسى طبعا أقراط شانيل الطويلة.
أما الحقائب فقد ظهرت بأشكالها الصغيرة والمتوسطة منها والتي تحمل علامة شانيل التجارية، مع عدة تصميمات مختلفة لأحذية مريحة من المخمل والجلد، مرصعة بالأحجار والشك، ومزينة بكعوب مسطحة، بالإضافة لتصميمات عصرية ومبتكرة لأحذية طويلة الساقين والتي تلتصق بكامل الرجل لتصل إلى منتصف الفخذ تقريبا.
,جاءت مجموعة المصمم الألماني كارل لاجرفيلد بألوان راقية ومنتقاة من عدة ظلال وتدرجات، بدءا من الأسود الفاحم، والنفطي القاتم، ثم الأزرق الكحلي، ليفتح عند الأخضر التركوازي، فالبنفسجي الداكن، ثم البيج العسلي، فالعاجي، والأبيض، مع عدة قطع من اللون الذهبي اللامع.