السؤال:
جزاكم الله خيراً على جهودكم المبذولة. بعد أن اعتنقت الإسلام سافرت إلى بلد آخر كي أتزوج، وهناك تزوجت وقعدت مع زوجي ولكن أسرتي بدأت تختلق المشاكل تلو المشاكل. فكمحاولة مني لإرضاء الطرفين عدت إلى بلدي، وكنت أعلم حينها أني لن أستطيع العودة الى زوجي ولكني غلّبت هذا الخيار أملاً في أن تصلح الأمور ويحسُن الحال.. ومكثت أتواصل مع زوجي طوال مدة مكوثي هناك في بلدي وأعده بأني سأرجع إليه.. ولكن بعد أن طالت هذه الوعود وتكررت نفد صبره فطلقني طلقتين. وساءت حالتي ولم أعد أجد من يصرف عليّ لا سيّما وأن العادة قد جرت في هذه البلد أن الشخص الراشد يتكفل بمصاريف نفسه في منأً عن اسرته، وبالتالي فلا بد لكل واحد أن يجد عملاً ولكن زوجي منعني من أن أخرج للعمل.. فلم يكن لي بد إلا أن تعرفت على رجل وتزوجت به كي يصرف عليّ.. أعلم الأن أن هذا الفعل غير صحيح ولا يجوز في الشرع، ولذلك فقد حاولت أن أتجنب الوقوع معه في ممارسة ما يمارسه الرجل وزوجته ولكن لم أستطع..إنني نادمة أشد الندم من هذا الفعل وأحاول أن أصلح ما أفسدته عن طريق الطلاق.. ولكن لا أدري ما العمل بعد ذلك..! ماذا سيكون مصيري..! تعبت وأنا أحاول ارضاء جميع الأطراف.. لقد تدهور مستوى إيماني الى اسوء مستوياته حتى أصبحت أخشى على إسلامي ككل..! إني أعلم أن ما أقدمت عليه من الزواج بهذا الرجل قبل أن يتم طلاقي من زوجي الأول جرم عظيم وعقوبته عقوبة كبيرة في الإسلام.. لكن لا أدري إن كانت تلك العقوبة تنطبق على حالتي هذه وظرفي..! كنت ما زلت في أيامي الأولى في الإسلام ولم أكن أعلم كل هذه التبعات من جراء هذا التصرف.. وما رأيكم، هل أخبر أحداً بهذا الفعل أم أن الستر أولى؟ أرجوا النصح والإرشاد فإني أكاد أجن..
الجواب :
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يتوب عليك ويصلح حالك ، ويحفظ عليك دينك .
وقد أخطأت ببعدك عن زوجك ، وتعريض نفسك للفتن والمحن ، وأخطأ زوجك في منعك من العمل دون أن يقدم لك النفقة التي تغنيك عن العمل .
ثانيا :
إذا كان زوجك طلقك طلقتين كما ذكرت ، ثم انقضت عدتك قبل الزواج الثاني ، فلا شيء عليك ، وزواجك الثاني حينئذ صحيح .
وعدة المرأة التي تحيض : ثلاث حيضات ، فإذا طلقك وأنت طاهر ، ثم حضت ثلاث حِيض ، وطهرت من الحيضة الثالثة واغتسلت فقد انقضت عدتك .
وعدة المرأة التي لا تحيض لصغرٍ أو يأس : ثلاثة أشهر .
وعدة الحامل : وضع الحمل .
وإذا كان الطلاق مقابل عوض من المرأة ، فهو خلع ، والعدة فيه : حيضة واحدة ، على الراجح .
فإذا كان عقد الزواج الثاني ، لم يتم إلا بعد انقضاء عدتك ، فهو زواج صحيح ، ولا شيء عليك ، ولا يجوز أن ترجعي للأول إلا إذا طلقك الثاني وانقضت عدتك منه ، ثم يعقد عليك الأول .
وأما إن كان زواجك الثاني تم أثناء العدة ، فهو زواج باطل لا يصح ، وقد أقدمت بذلك على منكر عظيم شنيع .
قال ابن قدامة : " فأما الأنكحة الباطلة , كنكاح المرأة المزوجة أو المعتدة , أو شبهه , فإذا علما الحل والتحريم , فهما زانيان , وعليهما الحد , ولا يلحق النسب فيه " انتهى من "المغني" (7/ 10).
وقال : " (وإذا تزوج معتدة ، وهما عالمان بالعدة ، وتحريم النكاح فيها ، ووطئها : فهما زانيان عليهما حد الزنا ، ولا مهر لها ، ولا يلحقه النسب .
وإن كانا جاهلين بالعدة ، أو بالتحريم ، ثبت النسب ، وانتفى الحد ، ووجب المهر .
وإن علم هو دونها ، فعليه الحد والمهر ، ولا نسب له .
وإن علمت هي دونه ، فعليها الحد ، ولا مهر لها ، والنسب لاحق به .
وإنما كان كذلك ؛ لأن هذا نكاح متفق على بطلانه ، فأشبه نكاح ذوات محارمه " انتهى من المغني (8/ 103).
وحينئذ يفسخ النكاح الثاني لأنه باطل ، ويلزمك إكمال عدة الأول ، ثم الاعتداد من الثاني .
ثم هل ترجعين إلى زوجك الأول أو لا ترجعين ؟
- إن كان قد راجعك في العدة - ولو بدون علمك - ، أو راجعك أثناء إكمالك لعدته ، فأنت زوجة له .
- وإن انقضت العدة منه دون أن يراجعك ، فهو أجنبي عنك ، ولا تعودين له إلا بعقد جديد ، وحينئذ تكونين مخيرة بين الزواج منه أو من الثاني أو من غيرهما .
والمقصود : أن الزواج من الثاني أثناء العدة ، باطل . سواء أرجعك الأول في العدة أو لم يرجعك ، وسواء كنت ستعودين له بعقد جديد أو لا تعودين .
والله أعلم .