بدأت بولندا في الآونة الأخيرة عقد دورات لتدريب مسؤولين من تونس ومصر وليبيا على إدارة الأوضاع خلال عمليات التحول السياسي باستخدام برنامج للكمبيوتر أمريكي التصميم.
البرنامج صممه معهد تحليلات الدفاع في الولايات المتحدة في التسعينيات لمساعدة دول البلقان في أعقاب الصراعات في يوغوسلافيا السابقة.
ويتيح البرنامج لعدة مشاركين بتجربة عملية اتخاذ القرار تحت ضغوط قوية والتعرف على نتائج تلك القرارات ضمن سيناريو سريع التغير.
برنامج "التدريب على الاحتياجات الاقتصادية الإستراتيجية والأمن" يعرف اختصارا بالحروف الأولى للكلمات المكونة لاسمه باللغة الانجليزية وهي (سي.إي.إن.إس) (CENS) أو (سينس).
ويتضمن البرنامج العديد من التغيرات الاجتماعية والسياسية الداخلية وضغوط السياسات المالية والاقتصادية وعناصر جغرافية سياسية مثل الصراعات الإقليمية والعقوبات.
وقال توفيق شيبي مستشار الشؤون الخارجية التونسي "هذه المحاكاة تهدف لتعريفنا بكيفية مساهمتنا كقطاع خاص وكممثلين للقطاع العام في تونس.. كيف نحاول المساهمة في العملية الانتقالية التي تجري في تونس بعد ثورة 14 يناير 2011. نعتقد.. أعني أننا نأمل أن تتاح لنا الفرصة لتنفيذ ما تعلمناه بالفعل هنا".
وعقدت دورة تدريبية مدتها أسبوع لشترك فيها 47 مسؤولا تونسيا في منتصف نوفمبر. وستعقبها في وقت لاحق دورة مماثلة لمسؤولين مصريين كما جرت مناقشات مع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا لعقد دورة ثالثة يحضرها 50 مسؤولا ليبيا.
وقالت تونسية متخصصة في الاقتصاد حضرت الدورة أن ثمة دروسا يمكن الاستفادة منها في الدول التي نجحت بالفعل في إدارة مراحلها الانتقالية بعد الصراعات والثورات.
وأضافت "اكتسبت خبرة في عمل محاكاة والتفكير في طريقة توجيه الأولويات من أجل اتخاذ قرارات منها على سبيل المثال تحديد النقاط التي لها أولوية أو كيفية التصرف عند وجود مطالب عديدة من أطراف عديدة".
وعقدت بولندا العديد من الدورات التدريبية على برنامج (سينس) منذ عام 2004 لدول في شرق أوروبا وآسيا الوسطى منها مولدوفا وروسيا البيضاء وجورجيا وصربيا وافغانستان وأذربيجان.
وقالت كارولينا زيلينت سميجرودشكا المديرة المسؤولة عن برنامج المحاكاة " ولدت فكرة برنامج في المعهد الأمريكي لتحليلات الدفاع في أعقاب اتفاق دايتون والذي كان في بادي الأمر مخصصا للبوسنة والهرسك. المحاكاة من خلال الكمبيوتر أساسها تكوين بلد افتراضي يعمل باقتصاد السوق والمثير في الأمر أن المشاركين في اللعبة يجب أن يعملوا في وضع متأزم".
وشهدت بولندا عملية تحول في النظام السياسي من الشيوعية إلى الديمقراطية بين عام 1989 و1991.
وتعاونت بشكل وثيق مع مطوري برنامج (سينس) منذ عام 2996 وحصلت على ترخيص باستخدام نسخة النموذج الأوروبي للبرنامج وإدارتها لأغراض التدريب.
وقالت سميجرودشكا "نحن نشطون جدا في تقديم خبرتنا. حاولنا من خلال هذا التدريب توصيل تجربتنا أثناء التحول السياسي في بلدنا والإصلاحات التي نفذناها لا في مجال الاقتصاد فحسب بل في السياسة أيضا. وكل شيء يسبقه تدريب على التفاوض بطبيعة الحال لأننا نعتقد أنها الطريقة الوحيدة للتعاون مع الحكومة من أجل تحقيق النتائج التي حققتها بولندا".
وأضافت "البرنامج موجه للدول المقدمة على تحول في النظام الاقتصادي أو السياسي. هذا جانب معرف على نطاق واسع. لكن المشاركين في التدريب ينتمون بالفعل إلى النخبة (الحاكمة) أو نأمل أن يشكلوا النخبة (الحاكمة) في تلك الدول مستقبلا. ليسوا من دوائر حكومية أو برلمانية فحسب بل من دوائر الأعمال والقطاع غير الحكومي والبنك المركزي. النطاق واسع جدا".
وانضمت بولندا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي عام 1999 وإلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 وتقدم خبرتها للدول التي تمر بتحولات سياسية واقتصادية لمساعدتها على تفادي مشاكل وأزمات المراحل الانتقالية.
ويمكن أن يشارك ما يصل إلى 40 شخصا في برنامج (سينس) حيث يسند إلى كل منهم دور مختلف في السياسة والاقتصاد.