الانتخابات التكميلية في "عي الكرك" تربك الحكومة
كشفت مصادر حكومية نية الحكومة اللجوء الى المجلس العالي لتفسير الدستور خلال الاسبوع الجاري - على الاقل - لمعرفة رأيه في المخرج الذي تبحث الحكومة عنه لتطبيق المادة 88 من الدستور الجديد المتعلقة بملء شاغر مقعد الدائرة الانتخابية الخامسة في الكرك بعد فقدان النائب شريف الرواشده مقعده لكونه يحمل جنسية اجنبية.
وقالت المصادر ان الحكومة تتجه للاستعانة بالمجلس العالي لتفسير الدستور للحصول على فتوى تستند الحكومة اليها في كيفية ادارة مشكلة اجراء انتخابات تكميلية في دائرة الكرك الانتخابية الخامسة عن المقعد المسلم وفقا لما تنص عليه المادة 88 من الدستور الجديد المعدل.
وتنص المادة 88 من الدستور الجديد على"إذا شغر محل أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب باستثناء من صدر بحقه قرار قضائي بإبطال صحة نيابته فعلى المجلس المعني إشعار الحكومة أو الهيئة المستقلة للانتخاب إذا كان نائباً بذلك خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو ويملأ محله بطريق التعيين إذا كان عيناً أو وفق أحكام قانون الانتخاب إذا كان نائباً, وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة المجلس".
وابلغ رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي الحكومة رسميا بشغور مقعد النائب الرواشده في الثلاثين من شهر تشرين الاول الماضي, مما يعني ضمنا ان امام الحكومة ستين يوما فقط لاجراء الانتخابات التكميلية في دائرة الكرك الخامسة ذات المقعد الواحد.
وتبدو مشكلة الحكومة في اجراء الانتخابات التكميلية معقدة الى ابعد الحدود, فوفقا لتعديلات الدستور الجديدة فان الفقرة"2" من الماده 67 تنص على"تنشأ بقانون هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية النيابية وتديرها في كل مراحلها, كما تشرف على أي انتخابات أخرى يقررها مجلس الوزراء ".
وهذه اولى المشكلات التي تضغط حاليا على الحكومة, إذ ان مجلس الوزراء هو صاحب الولاية في تحديد واجراء الانتخابات التكميلية في الدائرة الخامسة التي شغر مقعدها, مما يجعل الفقرة"2" السابقة ملزمة التطبيق في اية عملية انتخابية ستجريها الحكومة استنادا لمسؤوليتها الدستورية بتنفيذ احكام الدستور.
وتظهر المشكلة في بعدها الاوسع بسبب عدم وجود الهيئة المستقلة التي ستشرف على اجراء الانتخابات التكميلية, خاصة وان الفترة المحددة لاجراء الانتخابات التكميلية في الدستور لا تسعف الحكومة او مجلس النواب باقرار قانون الهيئة المستقلة, مما يجعل من الحكومة ومجلس النواب في سباق مع الزمن.
ووفقا لهذه المعطيات فان صعوبة اجراء الانتخابات التكميلية في دائرة الكرك الخامسة التزاما بالدستور قد يترتب عليها عدة مشكلات فكون الهيئة المستقلة لم يتم انجاز قانونها حتى الان فان خللا واضحا في تطبيق الدستور في هذه القضية بالذات اصبح واضحا وضاغطا على الحكومة, فلا يجوز بموجب الدستور ان تجرى الانتخابات التي يحددها مجلس الوزراء خارج اشراف الهيئة المستقلة التي لا تزال في رحم الغيب ولم تتبلور الافكار الحكومية او حتى النيابية حولها.
وتبرز ثاني المشكلات امام الحكومة في اعتماد قانون الانتخاب الذي ستجرى الانتخابات التكميلية على اساسه, وهل يسمح الدستور بالعودة الى قانون الانتخاب السابق ام يتوجب الانتظار الى ما بعد وضع قانون انتخاب جديد يتم على اساسه اجراء الانتخابات التكميلية.
مثل هذه الاشكاليات الضاغطة هي التي تدفع الحكومة الان الى الاستعانه بالمجلس العالي لتفسير الدستور للبحث عن مخرج لهذه المشكلة الساكنة والتي ستتحول في قادمات الايام الى مشكلة دستورية خانقة وساخنة, ففي اللحظة التي لن تجد الحكومة فيها اي مخرج دستوري لها فانها ستصبح مشكلة تتعلق بتطبيقات الدستور, وعندها ربما سيتم طرح التساؤلات الكبرى حول الاختلالات التي يمكن ان تظهر لاحقا جراء تطبيقات الدستور واستحقاقاته المستقبلية.
ووفقا لما نقلته مصادر عن رئيس الوزراء عون الخصاونه فان هذه المشكلة تضغط بكليتها على الحكومة التي لم تجد اي منفذ دستوري لتطبيق الدستور نفسه , ففي الوقت الذي نصت المادة 88 من الدستور الجديد على اجراء الانتخابات التكميلية خلال مدة شهرين من تاريخ تبليغها بقرار شغور المقعد النيابي فان المادة 67 من الدستور المعدل نفسه لم تعط الحكومة فسحة زمنية كافية لاقرار قانون الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات وقبل ذلك حسم الجدل اصلا حول هوية قانون الانتخاب الذي يجب ان تجرى الانتخابات التكميلية على اساسه وعما اذا كان القانون المؤقت الذي اجريت انتخابات المجلس السادس عشر الحالي على اساسه ام انه يتوجب الانتظار الى ما بعد اقرار قانون الانتخابات الجديد.
هذه المشكلة التي تضرب في عمق الحكومة ومجلس النواب معا تقود الى التاكيد على ان سباق السلطتين مع الزمن لن يكفل لهما الوقت الكافي لاقرار قانوني الانتخاب من جهة وقانون الهيئة المستقلة من جهة اخرى, مما يتعين على الحكومة بالدرجة الاولى البحث عن خيارات اخرى تظن ان بعضها ربما سيكون متوفرا لدى المجلس العالي لتفسير الدستور.
ووفقا لكل المعطيات فان اي تاخير في البحث عن مخرج سيجعل الحكومة في موقف حرج لكونها ستخالف منطوق الدستور في مادتيه 88 و67"الفقرة 2", وهو ما يدفع بالحكومة للبحث سريعا عن حل تعتقد انه قد يكون في حوزة المجلس العالي لتفسير الدستور الذي ستلجأ اليه كملاذ اخير خلال الاسبوع الجاري لانقاذها من مشكلة باتت تضغط على الحكومة بشكل لافت للانتباه لكونها استحقاقا دستوريا واجب التنفيذ.