يصدرالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذى يجمع حاليًا جميع السلطات الدستورية لرئيس الجمهورية، قرارًا خلال أيام بالتجديد للدكتور فاروق العقدة، محافظًا للبنك المركزى المصرى، لفترة ثالثة، مدتها 4 سنوات، ويضم القرار، التشكيل الجديد لمجلس إدارة البنك والمكون من 9 أعضاء، بترشيح من «العقدة» لأسماء الهيئة المعاونة له، لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور عصام شرف، وفقًا لما قالته مصادر مصرفية مطلعة، فى تصريحات خاصة لـ «اليوم السابع».
ويتولى «العقدة»، منصب محافظ البنك المركزى، منذ ديسمبر 2003، خلفًا للدكتور محمود أبو العيون، وتنتهى مدة المجلس الحالى لـ «المركزى»، رسميّا، نهاية الشهر الجارى، وثارت حالة من الجدل على مدى الشهور الماضية، حول رفض «العقدة» الاستمرار فى منصب المحافظ، إلا أن سلسلة اجتماعات جمعته مؤخرًا مع أعضاء بارزين بالمجلس العسكرى نجحت فى إقناعه بالتجديد لفترة جديدة، وتبلغ المدة القانونية لمحافظ البنك المركزى، ومجلسه المكون من 9 أعضاء، بعد التعديلات الأخيرة التى أدخلت على قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، رقم 88 لسنة 2003، 4 سنوات، قابلة للتجديد.
وعن أبرز الوجوه المصرفية والاقتصادية الشهيرة، المرشحة للخروج من التشكيل الجديد لمجلس إدارة «المركزى»، قالت المصادر، فى تصريحات خاصة لـ «اليوم السابع»، إنها تتضمن خروج رؤساء البنوك العامة والخاصة الحاليين والخبراء الاقتصاديين الذين تتعارض مصالحهم وأعمالهم الخاصة مع وظيفتهم بـالبنك المركزى، وهم طارق عامر، رئيس اتحاد البنوك المصرية، ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، ومحمد بركات، رئيس بنك مصر، وعبدالسلام الأنور، رئيس بنك «إتش إس بى سى - مصر»، وحسن عبدالله، الرئيس التنفيذى للبنك العربى الأفريقى الدولى، وحازم حسن، المحاسب والمراجع الشهير، والخبيرة القانونية، منى ذو الفقار، عضو مجلس إدارة المجموعة المالية «هيرمس»، وعلاء سبع، الخبير الاقتصادى المرموق.
وعن ملامح التشكيل الجديد لمجلس إدارة «المركزى» قالت المصادر إنه من المقرر أن تشمل انضمام الدكتور أشرف الشرقاوى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، واستمرار كل من الدكتور ممتاز السعيد، ممثلاً لوزارة المالية، والدكتور زياد بهاء الدين، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، والذى ترأس لجنة تعديلات قانون البنوك، والتى أقرت مؤخرًا، كخبير اقتصادى من ذوى الخبرة، وتصعيد لبنى هلال، وكيل المحافظ، فضلاً على تولى جمال نجم منصب النائب الأول لمحافظ البنك المركزى، خلفًا لهشام رامز.
وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يوم 16 أكتوبر الماضى، مرسومًا بقانون يحمل رقم 125 لسنة 2011 ، بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، وذلك فى ضوء ما عرضه البنك المركزى المصرى وأقرته الحكومة المصرية.
وتضمن التعديل وضع ضوابط لمنع تعارض مصالح أعضاء مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، بما يضمن حيدتهم واستقلالهم وفقًا لأفضل المعايير والأعراف الدولية، حيث نص على عدم جواز أن يكون لأى من أعضاء المجلس أى مصالح تتعارض مع واجباتهم أو مقتضيات الحيدة والاستقلال أو الحفاظ على سرية المعلومات التى يتصلون بها بحكم عضويتهم لمجلس إدارة البنك المركزى المصرى، وألاّ يكونوا من رؤساء أو أعضاء البنوك التجارية أو شركات التمويل أو العاملين بها أو ممن يقدمون لها خدمات مهنية أو استشارية، وتخفيض عدد أعضاء مجلس إدارة البنك المركزى من 15 إلى 9 أعضاء، هم المحافظ ونائباه، ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية وممثل لوزير المالية، و4 أعضاء من ذوى الخبرة تتوافر فيهم شروط عدم تعارض المصالح.
وأضافت المصادر أن هشام رامز، نائب محافظ البنك المركزى الحالى، والمسؤول عن ملف إدارة السياسة النقدية وإدارة الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى لمصر، على مدى 3 سنوات ونصف السنة، رفض الكثير من الضغوط التى مُورست عليه خلال الفترة الماضية لإثنائه عن قراره بعدم الاستمرار فى منصب نائب المحافظ، والتمديد لفترة جديدة فى التشكيل الجديد لمجلس إدارة البنك، مكتفيًا بما قدمه خلال الفترة الحالية، وتشير التوقعات، إلى تولى جمال نجم، وكيل المحافظ الحالى، والمشرف على قطاع الرقابة والإشراف على البنوك، لمنصب نائب المحافظ خلفًا لـ «رامز».
وأوضحت المصادر أن «رامز» يفاضل بين عدة عروض من بنوك خاصة وأجنبية، خلال الفترة الحالية، ومنها منصب مصرفى رفيع بإحدى المؤسسات المالية العالمية الكبرى، مضيفة أن «رامز» أنجز العديد من الملفات المصرفية الشائكة فى الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير، من بينها تسوية وإنهاء الاحتجاجات التى شهدها العديد من البنوك العامة والخاصة للمطالبة بتحسين ظروفهم الوظيفية، فضلاً على إدارة سوق الصرف، والسيطرة على سعر صرف الجنيه أمام العملات الرئيسية.
وأوضحت المصادر أن مؤسسات الدولة التى مازالت متماسكة وقوية، حتى الآن، تشمل القوات المسلحة ومؤسسة القضاء وكيانات الجهاز المصرفى، وهو ما دفع القائمين على شؤون البلاد خلال الفترة الحالية إلى التمسك بالعمل على الاستقرار النسبى للأوضاع المصرفية، مراعاة للاستقرار الاقتصادى، وهو ما ظهر جليّا فى التعديلات الأخيرة لمجالس إدارات البنوك العامة، قبل شهرين، فى ظل استمرار التوترات السياسية الحالية، وغموض المشهد السياسى والمستجدات التى تنساب يومًا تلو الآخر على الساحة السياسية المصرية وما يتبعها من تداعيات اقتصادية سلبية، ساهمت فى خفض التصنيف الائتمانى لمصر.
وينص قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 والصادر عام 2003 قبل إقرار التعديلات الخاصة بتضارب المصالح مؤخرًا - فى المادة العاشرة منه: «يكون للبنك المركزى محافظ يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، ويتضمن القرار معاملته المالية، ويعامل المحافظ من حيث المعاش معاملة الوزير، ويكون قبول استقالة المحافظ بقرار من رئيس الجمهورية».
ورشح على مدى الفترة الماضية العديد من الأسماء المصرفية والاقتصادية، لتولى منصب محافظ البنك المركزى، مع الجدل الذى دار حول رفض «العقدة» الاستمرار لفترة جديدة، يأتى على رأسها، هشام رامز، نائب المحافظ الحالى، وطارق عامر، رئيس البنك الأهلى، وعادل اللبان، المصرفى المعروف.
وتنص المادة 11 من قانون البنوك على أن: «يكون لمحافظ البنك المركزى نائبان، يعين كل منهما بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح محافظ البنك المركزى لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، وتحدد معاملتهما المالية فى القرار الصادر بتعيينهما، كما يكون للمحافظ وكلاء يعينون بقرار من مجلس إدارة البنك المركزى بناء على ترشيح من المحافظ»، وتنص المادة 90 من قانون البنوك على أن «يكون تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة البنوك العامة بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد أخذ رأى محافظ البنك المركزى، وذلك لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد».
وأوضحت المصادر أنه تم استبعاد فكرة انتخاب محافظ البنك المركزى، خاصة بعد ثورة 25 يناير، والتغيرات السياسية المتلاحقة فى الفكر الجمعى للمصريين، لأن هذا المنصب لا يعد منصبًا سياسيّا، بل هو منصب مصرفى فنى بحت، ينظم عملية اختيار من يشغله قانون البنوك، ويحتاج إلى شخصية مصرفية ذات خبرات عريضة فى إدارة السياسة النقدية، وقادرة على السيطرة على سعر صرف الجنيه، خاصة فى ظل التوترات السياسية الحالية.
وقالت المصادر، لـ «اليوم السابع»، إن الأنباء التى ترددت خلال الفترة الماضية عن الاستعانة بشخصية عسكرية لتولى منصب محافظ البنك المركزى المصرى تم رفضها تمامًا بعد حالة الجدل الأخيرة التى ثارت حول استمرار المجلس العسكرى فى تولى مقاليد الحكم، ونظرًا لطبيعة منصب المحافظ، وما يحتاجه من مواصفات شخصية ومهنية دقيقة وخلفية مصرفية وخبرة فى إدارة السياسة النقدية، خاصة فى ظل التداعيات والظروف السياسية والاقتصادية الاستثنائية التى تمر بها البلاد حاليًا، فى أعقاب ثورة 25 يناير.
وقرر البنك المركزى المصرى، قبل أيام، تغيير موعد الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية، لبحث أسعار الفائدة، والذى كان من المزمع انعقاده يوم الخميس الموافق 1 ديسمبر القادم، وتم تقديمه ليعقد يوم الأحد 27 نوفمبر القادم، وهو آخر اجتماع للجنة بتشكيلها الحالى.