موضوع: حكاية سيف الاسلام روتها أمي 21/11/2011, 23:36
يصعب أن تفهم ما الذي جعلهم مطمئنين إلى ذاك الحد قبل سقوطهم، وإلى أن ما حدث لغيرهم لن يحدث لهم، عدا بتفسير واحد قاله هنتنغتون في كتابه صراع الحضارات: «إنه وهم الخلود»، فالحاكم مع السلطة المطلقة يظن نفسه ارتقى إلى مصاف الإله، والعبارة المناسبة بعد هذا ليست فقط أستغفر الله، بل ولا حول ولا قوة إلا بالله. صورة سيف الإسلام في الطائرة التي حملته إلى الزنتان بعينيه الزائغتين أول من أمس، تذكّرك بصور سابقة شاهدت فيها العينان نفسهما الرعبَ نفسه. لكن كلاًّ كان يعتقد أن هذه الصورة لا تخص سوى صاحبها، وليست مشهداً تاريخياً حرياً بالتأمل والعظة.
الفاصل الزمني بين هيئة سيف الإسلام الأسير بثيابه التنكرية -مشلح وعمامة ولحية طويلة- وبين هيئة أخرى ظهر فيها مخاطباً المحتجين من الشعب الليبي بخطاب ظاهره الثقة والاطمئنان وباطنه الغضب والحنق، هو ثمانية أشهر. قال وقتها إن ليبيا ليست تونس ولا القاهرة، لكن الفارق الوحيد الذي تبيّن لنا لاحقاً، هو في اسم ليبيا، الذي تستطيع أن تقرأه من أوله ومن آخره، لكن ما لم نعرفه هو: لو كان ما يقوله حقاً، هل كان ليحتاج إلى أن يتلو خطابه من قبو شديد التحصينات الأمنية في قصره بباب العزيزية.
أمي كانت تحذّرنا من أن الألفاظ السيئة تنقلب على أصحابها، وقد ذكّرت القذافي عبر مقال قديم بمقولة أمي هذه حين قال لشعبه المحتج: يا جرذان، وحين قال سيف الإسلام: طز. أتذكر الآن أن أمي زادت في حكاية أخرى بأن ليست الأقوال السيئة وحدها ما تعود على أصحابها، بل كذلك الأفعال، فالقذافي الذي قال لبعض شعبه ارقصوا وافرحوا وهو يسفك دماء شعبه في احتجاج سلمي، لم يدرِ أن طرابلس هي من رقصت بعد ثمانية أشهر على جثته.
سيف الإسلام ساهم في مسلسل البطش، وبعد أن اغتصب والده السلطة عبر انقلاب، لعب سيف الإسلام دور رجل الإصلاح، وصدقه الليبيون. بعث الأمل في شبابهم ونسائهم حين راح يتحدث عن مشروع الإصلاح وكتابة الدستور ونقل البلد إلى مرحلة أكثر ديموقراطية وانفتاحاً، بل وسخر من اللجان الشعبية. وما أن احتج الشعب الليبي مطالباً بواقع تطبيقي، حتى انقلب الولد إلى سر أبيه، وأعلن بأصابعه الثلاث الخطوط الحمراء التي يجب على المحتجين أن يقفوا عندها، وأولها والده، ثم الاحتجاج على الاستبداد. ويا لسخرية الأقدار، التي لم تهتم أمي بروايتها لي، فقد قُطعت هذه الأصابع الثلاث. وتحب الرواية الشعبية أن تصور الثوار بأنهم هم من قطعوها له، وفاء لدين قطعوه على أنفسهم، كما في الحكايات الخرافية، وليس أن القوات الجوية هي التي ضربت موكبه الهارب، والذي قيل إنهم حسبوه للقذافي، كما روى سيف الإسلام للصحافية التي ركبت معه الطائرة.
سيف الإسلام، الذي تعهد بالإصلاح سابقاً وتوعد بالسحق لاحقاً، ليست له صفة في الحكومة (؟!!) تماماً مثلما كان والده، الذي احتار فيه شعبه، فحين قالوا له ارحل، قال: أرحل من ماذا؟ لست رئيساً، وإلا لكنت رميت الاستقالة في وجوهكم، إن الذي يحكم هو الشعب، فأُسْقِط في يدهم، وحمدوا ربهم أنه لم يقل كما قال علي صالح: ارحلوا أنتم.
اعتقدت صحيفة أجنبية أن اكتشافها أن سيف الإسلام قد سرق شهادة الدكتوراه من الجامعة البريطانية فضيحة مذلة، رد الليبيون عليها: ليته ما سرق سواها، لكن أمي أيضاً تقول إن الذي يسرق شهادة تسهل السرقة عنده، فيسرق معها بلاداً.
*نقلا عن صحيفة "الحياة" اللندنية
KLIM
موضوع: رد: حكاية سيف الاسلام روتها أمي 22/11/2011, 02:25
حكاية سيف الاسلام روتها أمي حكاية سيف الاسلام روتها أمي