تعتبر الابتسامة احدى لغات الجسد، ووسيلة من وسائل الاتصال غير اللفظي لدى الكائن البشري.
فالابتسامة سلاح قوي وفعال يستخدمه الإنسان منذ طفولته للاقتراب والتودد للآخرين, فالطفل يتعلمها بعد ولادته بستة أسابيع.
ويؤكد خبراء الأحاسيس الإنسانية أن الشخص الذي يبتسم كثيراً يكون له تأثير إيجابي في الآخرين أكثر من الشخص الذي يبدو وجهه جاداً دائماً لذلك يعتبر المبتسمون أناساً دافئين ودودين.
ويمكن القول إن الابتسامة هي واحدة من أهم العناصر في لغة الجسد التي نمتلكها، فالابتسامة الصادرة من القلب هي ما تنفرد به الكائنات البشرية عن غيرها من الكائنات.
ولكن الابتسامة، والتي قد تبدو سلوكاً إنسانيا بسيطاً، هي في حقيقتها سلوك معقد, فهي نفسياً تحتوي على أنواع ومعان، فهناك الابتسامة الصادقة، الزائفة، الخجلى، المنافقة، الغامضة والقلقة وغيرها.
كما ان الابتسامة تحتوي مجازاً على ألوان، فهناك الابتسامة البيضاء (الصادقة)، ،الصفراء (الزائفة)، والسوداء (اليائسة)، وغيرها.
ويؤكد الباحثون على وجود 18 نوعاً من الابتسامة, ومن بين هذه الأنواع المختلفة هناك نوع واحد فقط حقيقي ودافئ هو الابتسامة الصادقة.
هناك طائفة كبيرة من المشاعر والأحاسيس تعبر عنها الابتسامة, فالإنسان يبتسم عندما يكون مبتهجاً أو يائساً أو حرجاً أو خجلاً أو لتغطية عدم الراحة أو لإرضاء شخص أقوى اجتماعياً.
ولذلك فإن للابتسامة مُسميات حسب نوع المشاعر التي تعبر عنها من ابتسامة الابتهاج العريضة إلى الابتسامة الخجلى، إلى الابتسامة الغامضة، ومن الابتسامة الاجتماعية المهذبة إلى الابتسامة الزائفة.
ولأن الابتسامة أنواع، فإن الإنسان المتلقي يعرف أكثر من غيره معنى الابتسامة المقصودة والموجهة إليه، ويستشعر العواطف والأحاسيس التي تنطوي عليها هذه الابتسامة.
وتعتمد الابتسامات بأنواعها على عضلات الوجه، فجميعها تستخدم عضلات الوجه استخداماً مختلفاً، ويستطيع الانسان توظيف خبرته الإدراكية، التي يستمدها من التفاعل الاجتماعي، في التمييز بين أنواع الابتسامات ومغزاها الشعوري.
وتؤثر (المشاعر الحقيقية) على عضلات جانبي الوجه بالتساوي، أما إذا كانت (المشاعر زائفة) فإن حركة عضلات الجانب الايسر من الوجه تفضح الاحساس الكاذب، لأن عضلات الجانب الأيسر من الوجه أكثر تعبيراً من عضلات الجانب الأيمن.
وسبب صعوبة تزييف الابتسامة يعود إلى ان عضلات الوجه ذات العلاقة بالابتسامة ليست تحت سيطرة الانسان الواعية.
فالابتسامة الحقيقية تحتاج إلى مجموعتين من العضلات: المجموعة الأولى موجودة حول الفم وبالإمكان تحريكها ارادياً، والمجموعة الثانية موجودة حول العينين ولا تستجيب بحركتها إلا للمشاعر الحقيقية.
وتعتبر الابتسامة الصادقة الحقيقية (البيضاء) هي الاداة الصحيحة التي تعبر عن الابتهاج العفوي والسرور وصدق المشاعر, وفيها ترفع عضلة وجنات الوجه الرئيسية زاويتي الفم، بينما يرتفع الخد بفعل عضلة أخرى ويجذب البشرة حول محجر العين إلى الداخل, وبقدر ما تكون العاطفة اقوى يتحدد أكثر فعل هذه العضلة.
وهذه الابتسامة تكون قصيرة، ذلك ان أكثر الابتسامات اخلاصاً والصادرة من القلب نادراً ما تلبث ظاهرة أكثر من اربع ثوان، وقد تدوم نحو ثلثي الثانية!أما الابتسامة الزائفة فهي ابتسامة غير متناسقة، غير متسقة، وكأن بعض الوجه يبتسم والبعض الآخر لا يبتسم، فهي مضللة عن عمد, كما انها تدوم أطول من النوع الحقيقي، وهي ابطأ بالنسبة إلى الانتشار عبر الوجه.
ويقرر الخبراء ان الابتسامة الزائفة هي الأكثر شيوعاً بين الناس.
وبما ان الابتسامة الزائفة أو الصفراء هي الرائجة فكيف لك ان تتعرف عليها؟
ان أكبر إفشاء غير مقصود للتعرف على ابتسامة زائفة هو العينان, فالعينان اللتان تضيقان عندما تكون الابتسامة من القلب، انما تبقيان غير متأثرتين عندما يغطي الشخص بابتسامته الزائفة عواطف سلبية, لذلك تفحص العينين من أجل التعرف على خطوط الابتسامة وحرارة التعبير.
أما الافشاء غير المقصود الثاني للتعرف على نوعية الابتسامة فهو الفم, انظر إلى الفم, عندما تكون الشفة العليا مرتفعة بطريقة مبالغ فيها، بينما تبدو الشفة السفلى مربعة دونما أي حركة في الفك، تأكد عندها انها ابتسامة زائفة.
من حسن الحظ أنه قلما تخدع الابتسامة الزائفة أي شخص, ذلك لأنها تحدث احساساً مزعجاً وغير لطيف في الناظر، الذي لا يكون قادرا على تحليل رد فعله عليها، ولكنه غريزياً سرعان ما يدرك ان شيئاً ما ليس صحيحا تماماً.
فالعضلات حول أعيننا والتي نستعملها للابتسامة الصادقة لا يمكن وضعها تحت السيطرة الشعورية الإرادية للدماغ، لذا ففي حالة الابتسامة الزائفة فإن الشفتين وحدهما يمكنهما ان تكذبا، أما العضلات حول أعيننا فهي عضلات صادقة بريئة لا نستطيع توظيفها للمشاعر الكاذبة!
ارجو من الله العلي العظيم ان تكون ايامنا كلها ابتسامات صادقه نابعة من صفاء القلب وطهر الروح