سأخلع نعليّ - احمد حسن الزعبي
سأخلع نعليّ - احمد حسن الزعبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]احمد حسن الزعبي
مثل دخان السجائر، احتل مطر تشرين تفاصيل الاشياء فجأة ؛ بصمات الأصابع ،مسامات الطريق، دفء "بلايز" الصوف، كتب العائدين من مدارسهم في اليوم الأخير،ومثل معلم مناوب، قرع جرس الصمت فوق المدينة ليعلن قدومه.. نقر مثل العصفور الزجاج العالي ، وركض لاهثا في "المزاريب" العطشى .. عطّر أحبال الغسيل بقارورة بللِه، رمى منشوراته المائية فوق الأرصفة ، توارى عن الأنظار..ومضى..
***
مثل دخان السجائر، بقيت رائحة مطر تشرين عالقة في ملابسنا ،نحبه ونهابه كعشاق مبتدئين، نختبئ خلف شبابيك الوقت ننتظر قدومه لنهرب ، نشتهي النار التي تنضج سكينتنا، ولسعة برد تأتي قبل موعدها ،ورقصة سرو على حافة السياج ،نذاكر معه منهاج الشتاء: رائحة الخبز، و فنجان القهوة..وفيروز التي تصحو من تخت الصيف ، لتغتسل "تحت شجر الشربين"...
**
مضى الليل وانا أراقب سطور تشرين الواصلة بين صفحتي السماء والأرض، اقرأ كل ما يكتب وما لا يكتب ، ما يسكب وما لا يسكب، شعرت كم انا ضعيف وسخيف ..خلعت "نعليّ" قلقي مثل مسافر متعب،وقررّت منذ تلك اللحظة ..أن أطفىء كل اجهزتي المضيئة "تلفون،لاب توب، منبّه، تلفزيون" ، و أسوي كل افكاري تحت جسدي كسرير، أتوسّد ذراعي وأنام في قاع قاع سفينة الوطن..فلن يفزعني صفير الريح ، ولن يقض مضجعي ، صرير الخشب كلما زادت الحمولة أو تصارع الطاقم او ارتفع الموج..ما دمت ملتصقاً في قاع الوطن..ولا يفصلني عن الغرق أو النجاة سوى طمأنينتي وضميري وأكفّ الله..