أ اعجبني مقال قراته اليوم لانه واقعيا وبريئا وخاليا من اي مبالغات اتوجه به بكل صدق الى من يدعم النظام السوري عن علم او جهل لكي يكون على بصيرة
عن أي نظام يدعم وهل يتمنى ان يحشره الله معه يوم القيامة..؟
من هم شبيحة سوريا
لا أذكر على وجه ااتحديد لماذا رافقت أبي صغيراً، إلى قرية قريبة من منطقة القرداحة، لكن الذي أذكره جيداً، أن إحدى عجلات الحافلة التي تقلنا انفجرت، ونزل السائق ليصلحها وهو يحوقل ويستعيذ من الشيطان بصوت منخفض يدل على خلقه الحسن، بينما نزل عدة أشخاص ليسبوا الرجل والركاب والذات الإلهية. لم يتكلم كبارنا، وارتجف صغارنا، واحتفظنا وقتها بحق الرد. وقد عرفت بعد ذلك أن هؤلاء من الشبيحة. لا أعرف لماذا يسبون الناس ويسبون الله. ولا أعرف من أين حصلوا على تلك الأخلاق الغريبة عن الشعب السوري.
وصلت تلك القرية، ورأيت فيها أقواماً يشبهون إلى حدّ ما، من وصفهم أبو بكر لأسامة بن زيد، حلقوا جوانب رؤوسهم وتركوا وسطها. كانوا مسلحين، راجلين أو مستقلي سيارات فخمة. كانوا يتعرضون لكثير من المارّة، ويسلبونهم بعض طعامهم. وكان ذلك ملفتاً للنظر، إذا كيف لمن يقود تلك السيارة الفارهة أن يعتدي على رجل بسيط ليأخذ منه كيس البطاطا، أو الدجاجة التي لم ينتف ريشها بعد.
وللعودة من تلك المنطقة، ذهبنا إلى مركز انطلاق لا يمكن أن تغيب صورته عن ذهني، إذ كانت آلات التسجيل تصدح بصوت مبالغ فيه، وأذكر مما كان يقوله المغنون بين مقاطع الأغنية الشعبية" باقة ورد من الله لحافظ الأسد". يحزّ في نفسي أن أذكر هذا، ولكنها الحقيقة. وآخر يقول" تحية من الله ورسله وملائكته لحافظ الأسد". ورأيت في ذلك المركز، رجالاً إذا تمازحوا لعن الأول خالق الثاني، وسب الثاني رسول الأول، والعياذ بالله.مرة أخرى من هؤلاء؟. لم يكن لنا أن نفعل شيئاً سوى الاحتفاظ بحق الرد.
أصبحت في السنة الثانية من قسم الصحافة في جامعة دمشق، وذهبت مع خطيبتي في حافلة النقل الداخلي باتجاه ساحة العباسيين. صعد معنا رجلان نكلا بفتاة جامعية فتدخل السائق لنصرتها، فاعتديا عليه وعلى الركاب كلهم، واتصلوا بأصدقائهم، وما هي إلا دقائق حتى حضر قوم آخرون تشاركوا معهم في ضرب جميع من في الحافلة. آلمني ذلك أشد الألم، وخاصة عندما قررننا أن نشتكي عليهم إلى مخفر الشرطة القريب، إذا قام هؤلاء أيضاً بإهانتنا وما نفذنا منها إلا بعون الله تعالى. وأغرب من هذا أنهم كانوا يسبون الله ومحمداً صلى الله عليه وسلم، ويتلفظون بأقذر الكلمات وأحطها.
لدي عشرات القصص عن هؤلاء الطغمة، في الشوارع والمقاهي وفي المدينة الجامعية، لكن المقال لا يتسع لكل تلك القصص.
اليوم جاء حق الرد، وانتفض الناس في سورية على الظلم والفساد والمحسوبية، انتفضوا على سبعة عشر جهازاً أمنياً، كلها تذيق الناس ويلات العذاب وكلها تسب الخالق وتعتدي على حرمة رسول الله. وكأن المسألة من الظواهر اللازمة. فلكي تكون من الأمن في سورية عليك أن تسب الله، وتتقن الألفاظ الخادشة للحياء.
ولما ثار السوريون، ظهرت الشبيحة بكل قوة. ولقد رأيناهم كما رآهم العالم كله، لم يتغيروا ولم تتحسن أخلاقهم. ما المشكلة بينهم وبين أخلاق السوريين، لماذا يكرهون أخلاقنا وحضارتنا وثقافتنا. يقولون للمعتقل، قل لا إله إلا بشار، ولا إله إلا ماهر.
صورة نشرتها في الفيس بوك وحصلت عليها من تنسيقيات الثورة، كتب فيها يسقط ربك ولا يسقط بشار الأسد. في قرى حوران وغيرها، يقوم رجال الأمن بمسح عبارات مثل أهلاً وسهلاً بحجاج بيت الله الحرام، ويكتبون بدلاً منها بيت الأسد الحرام.
تسربت أخبار أن العصابات في سورية قالت لوالدة حسين هرموش أخبري ولدك أن الجيش لن ينشق عن الأسد حتى تنشق الملائكة عن الله.
خالد عبود، كرر العبارة على فضائية المنار "الإسلامية" فقال " الملائكة تنشق ولكن ليس الجيش السوري". طالب إبراهيم" أتحدى الذي خلقك أن تثبت أن الأمن هو من قتل زينب الحصني". أحمد الحاج علي، شرب الماء على الهواء أيام رمضان، وقد استحى أن يفعل ذلك مسيحيو سورية، بل فقد أشرت في مقال سابق أن الذين كنت أعمل معهم في الجامعة هنا في فرنسا، كانوا يخجلون أن يتناولوا الطعام والشراب أمامي أيام رمضان، أدباً وخلقا، مع أن هذه بلادهم وأنا الغريب فيها.
الثوار يعالجون الجرحى من الأمن ويطعمونهم ويسقونهم. أما هؤلاء فيستمتعون بالقتل وانتهاك الحرمات وسرقة البيوت والمحال التجارية، يستمتعون بجب ذكر حمزة الخطيب، وشق بطن ثامر الشرعي. ويستمتعون باقتلاع حنجرة إبراهيم قاشوش.
مشهدان لا ينسيان من مشاهد الثورة، توضح الفرق بين أخلاقنا وأخلاقهم، ففي مجزرة صيدا الشهيرة، ولما اقترب المتظاهرون من الحاجز العسكري، رحبت قوات الأمن بهم وابتسمت في وجوههم، حتى إذا تجمع أكبر عدد من السلميين الذين ما أخرجهم إلا الرغبة في إيصال الغذاء والدواء إلى مدينة درعا، حتى انهمر الرصاص الحي عليهم واستشهد من استشهد. بينما عفا ثوار مدينة درعا عن عدد من الشبيحة الذين كانوا فوق المنازل وقد انتهىت ذخيرتهم، فخاطبهم الثوار أن انزلوا ولكم الأمان، وقد نزلوا ولم يمسهم أحد بسوء.
لماذا يقوم رجال الأمن والشبيحة باغتصاب الحرائر، وأي خلق قذر ذلك الذي يسول لرجل اغتصاب فتاة في السابعة عشر من عمرها. يخيل إلي أنهم كانوا ينتظرون أي موقف أو أي تمرد شعبي، ليعبروا عن كل هذه الغرائز الحيوانية التي يملكونها. إنه جوع القرم. انتهاك للبيوت واغتصاب للحرائر وسرقة للممتلكات، بل وقتل للحيوانات وتخريب للزرع. من أين حصلوا على تلك الأخلاق، وكيف تربوا صغاراً، فيقتلوا أبناء بلدهم. من هؤلاء؟ سؤال في غاية الأهمية، من أين جاؤوا؟ وما هي درجة إنسانيتهم؟.
سؤال برسم الأسد ورجال مخابراته، وبقطع النظر عن الإجابة فقد قرر السوريون استئصالهم، وما هي إلا جولة وسينساهم الناس إلا من مثل السوء، وإن غداً لناظره قريب.
د. عوض السليمان
[u][b]