theredrose
 |  موضوع: عالم النانو السحري  3/11/2011, 06:26 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هو أحد أعظم إبداعات الفكر البشري في العصر الحديث , وما يميزه عن غيره في كونه إبداعاً طوباوياً إنسانياً يتضمن رفاهية وسعادة وخيراً للبشرية , وأي شيء ينجزه البشر ليحقق لهم سعادة ليس إلا إبداعات المبدعين والمفكرين مصحوبة بالجهد والمثابرة , على هذا النحو فقد مرت البشرية بثورات عديدة مثل ثورة اختراع خلائط البرونز , اختراع الدولاب , اختراع الكتابة , اختراع المحرك البخاري , تمديد السكك الحديدية , اكتشاف الكهرباء والتيار الكهربائي وصناعة المحركات الكهربائية وصناعة الكيماويات والسيارات والطائرات , ثم اكتشاف علوم الذرة وما رافقها من تطور في علوم الطب والفيزياء وعلوم غزو الفضاء , ومن ثم محاولة الاستفادة من تلك العلوم في توليد الطاقة ومعالجة الأمراض وتحسين ظروف الحياة , كل ذلك لم يكن ليتحقق ما لم يكن هناك فكر بشري مبدع . من ضمن الإبداعات الحديثة ما يعرف حالياً باسم عالم النانو , بكلمة أخرى هو الدخول إلى عالم الدقائق اللا متناهية في الصغر النانوي الساحر .. هذه العوالم القزمة التي هي أصغر بكثير مما تراه أعيننا المجردة وحتى باستخدام المجاهر وهو أصغر بكثير مما تقيسه معاييرنا الميكانيكية أو الكهربائية على اختلاف أنواعها .. فالنانو هو وحدة قياس تساوي جزء من ألف مليون جزء من شيء ما . فإذا قلنا نانومتر فهذا يعني أننا دخلنا مقاييس الذرات والجزيئات وعوالم الفيروسات والجراثيم والبكتيريا , وبتنا على عتبة هي أقرب لما يقع خلف المادة من عوالم , بكلمة أخرى تعني أننا اقتربنا من التعامل مع أشياء تقع على حافة الأبدية .. ولكي نأخذ فكرة عما هو النانومتر نتخيل أننا وضعنا ثلاث عشرة ذرة من ذرات الهيدروجين متجاورة فسيكون طولها نانو متر , ولكي ندرك الأمر أكثر لنتخيل أننا نفثنا (2غرام) من عطر ما انتشر هذا الرذاذ على كل سطح الكرة الأرضية , فإن كل سنتيمتر مربع من سطحها سيتضمن مئة ألف ذرة من ذلك العطر , ولو كان هذا الرقم وهو (2غرام) من غاز الهيدروجين وفي الشروط النظامية من ضغط وحرارة لكان حجمها (22,4 ليتراً) وبلغت أعداد ذراتها ما يساوي عدد أفوكادرو وهو ( 2310 ذرة من غاز الهيدروجين ) , وأيضاً لإدراك هذا الرقم لنفهم المثال التالي .. لو حفرنا في الأرض حفرة طولها كيلومتر واحد وعرضها كيلومتر واحد وعمقها كيلومتر واحد , وقمنا بعملية عد وإحصاء حبات الرمل الموجودة في هذا الكيلومتر مكعب من الأرض لكان العدد يساوي عدد أفوكادرو المذكور سابقاً , إذن أمر أبعاد الذرة ليست بالأمر السهل إدراكه أو تخيله فكرياً , لعل هذه الأمثلة تعطي فكرة عما هو النانومتر , ومثال آخر على صغر حجم الذرة هو أننا إذا وضعنا نقطة من قلم رصاص على قطعة ورق فإنها تحتوي على عدد من الذرات يفوق عدد سكان الأرض من البشر .
على الرغم من صغر أبعاد الذرات والجزيئات اللا معقول تمكن الإنسان بما يملك من فكر وذكاء التعامل مع تلك العوالم الغامضة الهائلة في الصغر , على هذا يكون قطر شعرة الرأس حوالي ستين ألف نانومتر, وقطر كرية الدم الحمراء للإنسان يعادل (2500 نانو متر)... وحقيقة التعامل مع أشياء دقيقة في مجال النانو جعل التعامل مع المقاييس الميكروية موضة قديمة كلاسيكية لا تثير أي دهشة بعد أن كان عالم (الميكرو) هو المسيطر في القرنين التاسع عشر والقرن العشرين , في هذا العالم الجديد وهو عالم النانو الدقيق على سبيل المثال تكون المواد النانو مترية بالغة الشراهة لامتصاص ذرات غاز الهيدروجين وتخزينه مما يعني تقدماً لا نظير له في صناعة البطاريات الكهربائية وخلايا الوقود الهيدروجيني بحيث تعمل أجهزة الإضاءة اعتماداً على مخزون الكهربائي مدة تتجاوز ستين يوماً وربما أكثر دون توقف من أجل عملية شحن واحدة كما أنه من الممكن إنتاج شرائح ورقاقات الكترونية بأحجام لا تتجاوز مليمتر مكعب واحد يحتوي كل منها على ملايين الترانزستورات والعناصر الكهربائية .. من مقاومات ومكثفات وعناصر الكترونية حرارية وديودات نفقية وضوئية وحساسات لإشعاعات مختلفة وحرارية بأعداد لا يتخيلها عقل ولا فكر . مما يوحي بأن مسابرنا النانوية في المستقبل سوف تدخل أعماق خلايا الدماغ وتجتاز حواجزها الطبيعية الحاجبة والصمامات المانعة والصادة لدخول أي جسم يغزو خلايا المخ تصله من خلال الدورة الدموية .. وبالتالي كم هي المواد الدوائية والعقاقير الناجعة التي سوف يستطيع الطب إدخالها في أجسام المرضى بالرغم من وجود نُظُمِ منع طبيعية لها ؟ تلك العقاقير النانومترية سوف تنسل عبر الحواجز وتنجز ما يشبه معجزات شفائية . كم هي ضخمة أعداد المسابر والحساسات النانو مترية التي سيتمكن الأطباء من إدخالها في لب الخلايا الحية في الجسم البشري بغية المعالجة والشفاء من الأمراض والتخلص من الآفات ؟ وأخيراً سيتمكن الأطباء من مهاجمة الخلايا السرطانية ودحرها في عقر دارها . هذه التقنية النانوية لا تحتاج لقوارب كريات الدم الحمراء لتحمل العلاج إلى الخلايا , بل ستدخل إليها مباشرة . قديماً تخيل الأقدمون مصباحاً سحرياً يخرج منه مارد عملاق يسد الأفق عند رغبة صاحبه في تحقيق أمنية ما , أو لتنفيذ طلب عصي أو أمر معجز لا يمكن صاحبه إنجازه بقدراته المتواضعة , لكن علم النانو سيُدخِل العملاق بقدراته الهائلة في القمقم ويُفَرِقُ ذرات المادة ويتلاعب بها ويعيد ترتبها من جديد في حلة مصممة وفق الغرض المراد منها, هنا سوف تتحقق الأماني والرغبات والتطلعات . أي بتقنية النانو سوف ندخل عوالم قزمية تحت مجهرية لا تعيها أعضاء الحس لدينا , فإذا قلنا نانو متر فهذا يعني أبعاد الذرة التي يستحيل على أعضاء الحس لدينا إدراكها , لكننا في هذا العلم صار بإمكاننا وبإمكان أجهزتنا أن ندركها ونتحسس وجودها ولربما أمكننا تحديد أشكالها ومواقعها وبعضاً من حركاتها وخواصها وطاقاتها ..
بقلم : د. مخلص عبد الحليم الريس | |
|
KLIM
| | موضوع: رد: عالم النانو السحري 5/11/2011, 05:00 | |
| | |
|
theredrose
| | موضوع: رد: عالم النانو السحري 5/11/2011, 05:22 | |
| | |
|
