أقيمت بيروت على كتف الساحل الصخري في وسط لبنان، في موقع استوطنه الإنسان منذ العصور الحجرية القديمة، وفي أواسط الألف الثاني قبل الميلاد كانت بيروت مدينة ملكية ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة الشهيرة.غير أن دورها بقي محدودا ولم يبرز إلا بعد أفول نجم المدن الفينيقية الأخرى كصيدا وصور وجبيل، ولا سيما بعد أن أسكنها الرومان فيلقين من قدامى جنودهم وحولوها عام 15 قبل الميلاد إلى مستعمرة يتمتع أهلها بالحقوق عينها التي يتمتع بها مواطنو روما.وما لبثت أن أصبحت مركزا لتدريس القانون، فأقيمت فيها مدرسة حقوق شهيرة أسهم أساتذتها ومشتركوها في وضع الدستور اليوستينياني الذي يعتبر في أساس الدساتير المعاصرة.وبعد خرابها عام 551 م على أثر الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة في ذلك الوقت فقدت المدينة أهميتها وبقيت في حالة من الركود حتى الفتح الإسلامي، وفي العام 1109 احتلها جيوش الصليبيين الذين حولوها إلى إقطاع خاضع لمملكة القدس اللاتينية وبقيت في قبضتهم حتى العام 1219 تاريخ إخراجهم على يد المماليك ثم دخلت بعد العام 1516 في فلك الدولة العثمانية، وعرفت حقبة من الازدهار في ظل حكم الأمير فخر الدين المعني الثاني. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتفكيك الدولة العثمانية وإنشاء دولة لبنان الكبير أصبحت بيروت عاصمة لبنان الحديث السياسية والاقتصادية والثقافية