احتكار العلم
إحتكار العلم وسبل مقاومته
مفهوم إحتكار العلم :
لقد
سعت الدول الصناعية الكبرى أمثال الولايات المتحدة الأمريكية والدول
الأوروبية إلى تشريع الكثير من القوانين التى مبدأها الأساسى إحتكار العلم
والصناعة مثل قوانين الملكية الفكرية وبراءة الإختراع . وذلك حتى تقوم
بإحتكار العلم للأبد أو لفترة زمنية كبيرة وصلت فى البداية 150 عام حتى
تخفضت فى بعض الصناعات لتصل 50 عام وذلك بكثير من المؤتمرات التى كان هدفها
محاولة تخفيض مدة الإحتكار . حتى تستطيع الكثير من الدول النامية الحصول
على هذا العلم والتطوير فيه . وكان من أشد المعارضين لهذه المؤتمرات الدول
الصناعية الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية فى فترات الحروب
الباردة وكان هدفها الأساسى هو إحتكار العلم لأطول فترة زمنية ممكنة حتى
تستطيع وحدها التطوير وبذلك تتصدر دول العالم فى التقدم وتسبقهم بأطول فترة
ممكنة وعندما يصل هذا الإحتكار لنهايته . تظل هى على القمة وباقى الدول
تتلقى منها الدعم .
وتصارع الكثير من الدول الصناعية الكبرى إلى محاولة
جذب العلماء حتى يصدر لها براءة الإختراع (احتكار العلم لمدة معينة وهى
الوحيدة التى لها حق التطوير) لما يقوم به هؤلاء العلماء . وللأسف الشديد
من أكثر هؤلاء العلماء الذين أفادوا هذه الدول من العرب .
ومن أمثلة هذا الإحتكار :-
موتور
السيارة والأجهزة الميكانيكية والكهربية والحاسبات الإلكترونية . ماكينات
التحكم الرقمى (CNC ) . صناعة أنظمة التشغيل للحاسبات المتخصصة والشخصية
مثل ( ويندوز ، ماكينتوش للأجهزة الشخصية . و يونكس وسيمينز للأجهزة
المتخصصة ) . بعض صناعات الأدوية والصناعات الكيماوية والحيوية . تكنولوجيا
الطاقة البترولية والغاز الطبيعى والطاقة النووية .
وتخشى الدول الصناعية الكبرى من تقدم أى من الشعوب النامية وخصوصا العربية حتى تظل هى المسيطرة على العلم والتقدم والمال .
ومن الأمثلة الحية ما يحدث الآن من حصار على إيران تخوفا من نهوضها فى العلم والصناعة و خصوصا الصناعات النووية .
و إذا نظرنا إلى ديننا الإسلامى الحنيف نجد أنه يرفض وبشدة هذا الإحتكار للعلم .
قال
تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى من بعد ما بيناه
للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} [البقرة: 159].
ويأتي
كاتم العلم يوم القيامة وعلى فمه لجام من النار؛ لأنه كتم العلم وبخل به
على الناس، يقول : (من سئل عن علم فكتمه، ألجمه الله بلجام من نار يوم
القيامة) [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه]. فعلى المسلم ألا يكون كاتمًا
للعلم أو شهادة الحق.
ذُكر فى الأثر :
ان أهل البصرة اختلفوا
فقال بعضهم :العلم أفضل من المال وقال بعضهم :بل المال افضل من العلم
فأوفدوا رسولا الي بن عباس -رضي الله عنهما - فسأله فقال ابن عباس : العلم
أفضل من المال
فقال الرسول :ان سألوني عن الحجة ,ماذا أقول ؟
قال قل لهم:-ان العلم ميراث الأنبياء , والمال ميراث الفراعنه
ولأن العلم يحرسك , وأنت تحرس المال
ولان العلم لايعطيه الله الا لمن أحبه , والمال يعطيه الله لمن أحبه ومن لا يحبه
الا
تري الي قوله تعالي "وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً
لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ
فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ "الزخرف (33)
ولان العلم لا ينقص بالبذل والنفقة , والمال ينقص بالبذل والنفقة
ولأن صاحب المال اذا مات انقطع ذكره ، والعالم اذا مات فذكره باق
ولان صاحب المال ميت ، وصاحب العلم لا يموت
ولان صاحب المال يسأل عن كل درهم من أين كسبه ؟ واين أنفقه ؟ وصاحب العلم له بكل حديث درجة في الجنة
ان
كان ولابد من الخيار ، فالعلم أفضل من المال ،ما في ذلك شك ، ولكن علي أن
ينتفع به صاحبه ، وينفع به غيره ، فلا يكتمه ، ولا يحبسه ، ولا يضن به ،
ولا يجعل منه وسيلة الي الزلفي ، ينزلف به الي زي جاه أو سلطان ، ولا يضر
به غيره ، و لا يخشي في الحق لائما ، فلا يداري ولا يداجي ، ولا يتأول
ويدور حين ينصح أو يشير ، ولا يخشي بطش ذي سلطان ، ولا بأس ذي بأس
ولله در القائل :-
بالعلم يسمو المرؤ الي العلياء ::::: وينال مايرجو من النعماء
فالعلم نور والجهالة ظلمة ::::: شتان بين النور والظلماء
فاذا
اتفق لامريء العلم والمال ، وأعطي العلم حقه ، والمال حقه ، وعرف لهما
قدرها ، ولم يتخذ منهما وسيلة الي البطش والبغي ، وأعان بماله ، وتصدق من
فضله فقد ظفر بالحسنين ، ونال الأجرين ، وما أحسن الدين والدنيا اذا اجتمعا
وصدق الرسول صلي الله عليه وسلم "نعم المال الصالح للرجل الصالح"
وقال
الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:العلم خير من المال ؛ لأن المال
تحرسه والعلم يحرسك ، والمال تفنيه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق ،
والعلم حاكم والمال محكوم عليه..مات خزَان المال وهم أحياء ، والعلماء
باقون مابقي الدهر ؛ أعيانهم مفقودة ، وآثارهم في القلوب موجودة
ففز بعلم تعش حيا به ابدا ::: الناس موتى واهل العلم احياء
وتاريخ
الحضارة الإسلامية خير دليل على هذا الرفض لإحتكار العلم . فعلى سبيل
المثال وليس الحصر . الأزهر الشريف . فكان ولا يزال منارة العلم لكل
الوافدين من دول العالم ولا يقتصر على المصريين فقط . ولا يقتصر على
الشرائع الإسلامية فقط وإنما جميع العلوم . ويرجع كل الفضل للإمام المراغى
صاحب الفكر بضم كل العلوم إلى الأزهر الشريف وإنشاء جامعة الأزهر .
سبل مقاومة إحتكار العلم :
لقد
إستيقظ الكثير من العلماء لمساوىء إحتكار العلم وكان مشروع ريتشارد
ستالمان هو اول مشروع لمقاومة هذه السياسة المستحدثة لحجب العلم عن البشرية
وقام بإنشاء أول شركة خاضعه لرخصة ( GPL ( General Public License و هي
رخصة حرة تستخدم لترخيص البرامج ذات الطابع الحر ومفتوحة المصدر والتى
تتمثل فى تعاون الكثير من أفراد المجتمع على إنشاء وتطوير البرامج الحرة
مما يتيح الحرية فى إمتلاكها لكافة أفراد المجتمع دون قيد أو شرط .
لمعرفة المزيد عن ريتشارد ستالمن ورخصة GPL
و
إستطاع المبرمج لينوس تورفالدس الذى كان يمتلك حاسب شخصى متواضع وكان يحلم
بعمل نظام تشغيل حر مفتوح المصدر واستطاع إنتاج أول نواة لهذا النظام
وأخضعه لرخصة GPL لكى يستطيع الكثير من البشر التطوير فى هذا النظام । ورحب
به الكثير من الجامعات والمؤسسات العلمية .
لمعرفة المزيد عن لينوس تورفالدس ونشأة لينوكس
وهذه خارطه توضح تداول وتطوير البرامج الحرة .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وصرح
الكثير من العلماء أن السبيل الوحيد أمام الدول النامية هو الإعتماد على
هذه البرامج الحرة والتى وصل أعدادها بالآلاف . حتى تستطيع أن تلحق بركب
التقدم .
وإذا كانت الأنظمة الحاكمة تساعد الدول الكبرى على هذا الإحتكار للعلم سواء بقصد أو بدون قصد .
وإستنزاف المليارات من الدخول القومية فى الإنفاق على مجرد الإنتفاع وعدم الإمتلاك لهذه العلوم .
فلماذا
لا نبدأ بأنفسنا بالإعتماد والتعلم والتطوير على هذه البرمجيات الحرة .
وخصوصا عندما نعلم أن أكثر الدخل للدول الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة
من تجارة البرمجيات والتحكم الرقمى يستخدم فى صناعة السلاح الذى تحارب به
الإسلام .
ولا ننسى قول الله تعالى :
إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءً فلا مرد له ومالهم من دونه من والٍ ﴾[ الرعد:11]
هذا
موضوع بسيط عله يكون ملهم للكثير ممن هم على درجة من العلم وعندهم موهبة
الكتابة حتى يزودونا بعلمهم الذى يوضح أكثر كيفية الحصول على البرامج الحرة
والتعامل معها وتعلمها حتى نصل إلى درجة التطوير بها .
ولتكون هذه دعوة لمن يهمه أمر النهوض بأمتنا الإسلامية . ونستعيد حضارتنا
الإسلامية مرة أخرى .
والله المستعان .