أثارت أمريكا حفيظتى، بتصريحاتها الغريبة والمتناقضة، حينما طلبت كشف ملابسات وفاة اغتيال القذافى، وكأنها راعية السلام والعدالة بينما هى نفسها قامت منذ شهور قليلة بعملية اغتيال بن لادن وإلقائه فى البحر بطريقة أشد وحشية وأكثر لا إنسانية... ومهما اختلف على شخصى القذافى وبن لادن، فإن عمليتا القتل بهذه الطريقة البشعة لا تعبر إلا عن همجية أصحابها... وكذلك فإن جرائم أمريكا التى يندى لها الجبين فى العراق وأفغانستان لهى شاهدة على بشاعة أفعالهم.. وقتها تذكرت القول القائل "أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب" ...وسألت نفسى أين الديمقراطية التى يتشدق بها أمثال هؤلاء؟.. لكن على ما يبدو إنها ديمقراطية زائفة أو هى وفق ما اصطلح على تسميتها" ديمقراطية الرجل الأبيض" والتى تعطى جنسا معينا حقوقا وحريات تحرمها على أجناس آخرين.. إنها ديمقراطية مسلوبة ومحرمة على الآخرين أو هى الوجه القبيح للديمقراطية.. أو هى سياسة الكيل بمكيالين، إن هذا المنهج المعوج غير العادل فى الحكم على الأمور فى واقع الأمر لا يحقق مراده بالشكل الذى يوحى لأصحابه بل على العكس تماما .. فتأثير مثل هذا التناقض فى القول والفعل يسير فى الاتجاه المضاد الذى لا يتمناه أمثال هؤلاء ... فمثل هذه العدالة الزائفة كفيلة بزيادة الكراهية لمن يستمسكون بها حتى من شعوبهم ... ولعل العقلاء من شعوبهم يقولون مثل هذا الكلام ولكن أمثال هؤلاء لا يستمعون ولا يعقلون كلامهم ... إن لغة البطش والقوة لا تدل إلا على افتقاد صاحبها المنطق والدليل ولا تنم إلا عن عجز بين على إقامة حوار هادئ ورصين يحقق الشعارات الكاذبة للديمقراطية وللحرية، والتى لابد أن تهدف فى المقام الأول إلى احترام جميع الأجناس وكل الأديان وأن تجعل هدفها هو عمارة الأرض وفق مقتضى المنهج الربانى .. فلابد من الجميع – دول ومجتمعات وأفراد – أن ندرك حجم مسئولياتنا، أو ألا نتعامل مع الآخر الذى يخالفنا فى عقائدنا وأجناسنا بمنطق ديمقراطية الرجل الأبيض الذى تريد أن تحتل به أمريكا مكانة المعلم العادل الحكيم، وهى عنه أبعد ما يكون... بل نريد أن ننظر إلى أبعد ذلك بشكل يدعم الحب والتعايش السلمى بين الجميع فى كل بقاع الأرض من أدناها إلى أقصاها..
شاكر رفعت