بسم الله الرحمن الرحيم
ايها الاحبة في الله / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... تحية طيبة وبعد
في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر احيا الليل ، وايقظ اهله ، وشد مئزره .
ثلاث جمل قصيرة تبين هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في العشر الاواخر من رمضان اجمل بيان ...
فمن كان محبا للمصطفى صلى الله عليه وسلم فهذا هديه في هذه العشر ...
ومن كان متحريا ليلة هي خير من الف شهر فهذه ليلة القدر ...
ومن كان صاحب ذنوب وخطيئات -وكلنا كذلك- فعلى اعتاب ليلة القدر تسكب العبرات وتغفر الزلات ...
نعم ، احيا الليل صلى الله عليه وسلم ، وتعلمون كم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من المهام العظيمة والمشاغل الجسيمة والمسؤوليات الكبيرة له ولاهل بيته وازواجه وصحبه وامته ، ومع ذلك فهو لا يفوت مواسم الطاعة ولا يترك فرص العبادة ...
هو صلى الله عليه وسلم مع كل هذه المهام يتفرغ لهذه العشر فيحيي الليل طلبا لليلة القدر فهو في قيام وقعود ، وركوع وسجود ، يفعل هذا وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تاخر ، فماذا نفعل نحن المقصرين ؟
كان صلى الله عليه وسلم يوقظ اهله ، لان ليلة القدر غنيمة وفرصة عظيمة ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الخير لاهله ، ونحن ايها الاحبة ، الا نحب الخير لانفسنا ولاهلنا ؟ فاين نحن من ليلة القدر ؟
اي خير سنجده في هذه العشر افضل من خير ليلة القدر ؟
واي لذة سنتحصل عليها اعظم من لذة بلوغ ليلة القدر ؟
كان صلى الله عليه وسلم يوقظ اهله ، هذه لفتة مهمة للاباء والازواج من هذه الامة ان يجمعوا العزيمة ويستحثوا الهمة لاشراك ابنائهم وبناتهم وزوجاتهم ومن تحت ايديهم في هذا الموسم العظيم الذي نحن فيه ، فكما نحرص على دنياهم فالحرص على اخرتهم اوجب واولى .
واذا لم نفعل ذلك فبئست الولاية والرعاية وبئست التربية ، وسيسالنا الله تعالى عن اهمال من تحت ايدينا يوم القيامة ، فكلككم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
كان صلى الله عليه وسلم يوقظ اهله ، ويكفي ان يوقظهم ليهب الجميع بين يدي الله تعالى ركعا سجدا ، فهو يوقظ عائشة ويوقظ حفصة ويوقظ زينب.. .
اما ايقاظنا لابنائنا وبناتنا ولانفسنا ايضا فيحتاج الى جهد ومجاهدة وصبر ومصابرة وتوعية وتذكير وتشجيع وتبشير حتى تتهيا النفوس للعبادة وتقبل على الطاعة ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
كان صلى الله عليه وسلم يشد مئزره ، وهو كناية عن الجد والاجتهاد في العبادة والطاعة ، ومن جد واجتهد في طلب شيء ضحى من اجله وفي سبيله استسهل الصعب ... ، من شد مئزره نراه يكتفي بما يسد رمقه من الطعام والشراب حتى لا يفوت الفضيلة ، نراه يتخفف عما لا فائدة فيه من الكلام ، لا يلهيه جمع الحطام ، نراه يتقلب فغي انواع القربات والطاعات ليلا ونهارا ، نرى يومه كله عبادة وجوارحه جميعها في طاعة ، نراه يصلي قائما ، فاذا فرغ امسك بالقران تاليا ، ثم لهج لسانه بالذكر مرددا ، ثم رفع اكف الضراعة الى الله تعالى سائلا وداعيا ، قلبه خاشع ، لسانه ذاكر ، عينه باكية ، جوارحه خاضعة ، قد شُغِلَ عن الناس بطاعة وعبادة رب الناس ، كل ذلك كان يفعله صلى الله عليه وسلم في العشر الاواخر من رمضان طلبا لليلة انزل الله تعالى فيها قرانا يتلى الى يوم القيامة ، حيث قال عز وجل :
إنا أنزلنا في ليلة القدر . وما ادراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر .
فهلاَّ اقتدينا برسول الله صلى الله عليه وسلم واجتهدنا في العبادة والطاعة في هذه العشر فما هي الا ايام وليال معدودة ربما ندرك فيها ايها الاخوة والاخوات نفحة من نفحات المولى الكريم تكون وقاية لنا من لفحات نار الجحيم ...
نسال الله تعالى الهداية والتوفيق ... اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته