إن تعبير السرطان يشير إلى مجموعة من الأمراض الورمية المتشابهة فى خواصها والمتماثلة فى نمط سلوكها والتى تنشأ بخـلايا الجسم، وهى الوحدة الأساسية فى تركيبة البُـنية الجسدية، والتى بدورها تتكون من خـلايا متعددة مختلفة الأنواع والوظائف، وطبيعياً تولد هذه الخلايا وتتكاثر، وتنمو وتصل أطوار البلـوغ والنضج، وحسب نظام ثابت ومستقر يتحدد نمطه وفقاً لحاجات الجسم، الأمر الذى يحفظ سلامته وعافيته، ومن جهة أخرى تتكاثر مختلف الخلايا وتنمو بوتيرة سريعة خلال السنوات الأولى من العمر (وتتفاوت تبعا لنوعها بطبيعة الحال)، وإلى أن يُصبح الشخص بالغا، وعندها يتم إنتاج خلايا جديدة بأغلب أجزاء الجسم عند الحاجة والضرورة فحسب، لاستبدال الخلايا المكتملة والميتة أو لإصلاح الجروح.
وينشأ السرطان حين تنقلب خلايا نسيج ما بالجسم لتصبح شاذة، تنمو وتتكاثر دون تحكم وتخرج عن خط النمـو والتبدل الطبيعى، وبدلاً من أن تموت فى طورها النهائى، تستمر فى النمو والتكاثر منتجة لخلايا شاذة جديدة، وتتكدس الخلايا السرطانية وتكوّن كتلة أو تضخما يسمى بالورم، يقوم عند تقدم نموه بالضغط على الأنسجة المجاورة وإزاحتها، ويمكنه أن يغزو ويدمر الخلايا الطبيعية، يُستثنى من ذلك بعض الأنواع، مثل خلايا سرطان ابيضاض الدم التى لا تكوّن كتلاً ورمية، وإنما تنشأ فى الأعضاء المنتجة للدم (النخاع العظمى والجهاز الليمفاوى)، وتنتقل عبره إلى بعض الأنسجة والأعضاء الحيوية الأخرى.
ويمكن لبعض من الخلايا الورمـية أن تخرج من محيطها، وتنتقل إلى أعضاء أخرى بالجسم لتواصل نمـوها الشاذ وغير الطبيعى والخارج عن التحكم، حيث تستقر وتستنسخ نفسها، لتكوّن أوراما مثيلة فى الموضع الجديد، ويسمى هذا الانتقال بالانتشار (metastasis)، وتُسمى الأورام الناتجة عقب الانتقال عادة بالأورام المنتقلة أو الثانوية تمييزا لها عن الأورام الأصلية.
وثمة فئتان من الأورام، الورم الحميد (benign tumor) الذى يتصف بأنه ينحصر بموضع نشوئه الأصلى ولا ينتقل إلى مواضع أخرى، وذو نمو محدود، ويمكن استئصاله دون أن يعود للنمو ثانية فى أغلب الأحوال، والأهم من ذلك بطبيعة الحال أنه نادراً جدا ما يُعد مهدداً للحياة، والورم الخبيث (Malignant tumor) أو الضار، والذى يُشار إليه بتعبير السرطان بصفة عامة، وهو النوع الخطر، والذى يتميز إضافة إلى البُنية والنمو الشاذين، بالمقدرة على غزو الأنسجة أو الأعضاء الحيوية سواء المجاورة لموضع نشوئه أو البعيدة والتأثير عليها وأحيانا تدميرها، وذلك لمقدرة خلاياه على اختراق الأنسجة المتاخمة والانتشار والانتقال من مواضع نشوئها إلى مواضع أخرى بالجسم، وفى أغلب الأحوال يتم انتقالها إلى المواضع البعيدة عبر الدورة الدموية و الجهاز الليمفاوى.