بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقفَ رجلٌ خلف إمام يصلي صلاة رباعية الركعات، و بعد أن سلم الإمام إعلاناً منه بنهاية الصلاة، وقف الرجل و قال: لقد صليتَ بنا ثلاثَ ركعات ؟؟!!.
تعجب الإمام و نظر إلى المصلين خلفه و كانوا قليلين، فلم يجدْ أحدهم قد استشعر الأمر، فراجع الرجل و قال له : إن الجميع و أنا معهم لم نستشعر بأننا صلينا ثلاثاً.
فقال الرجل: في العادة أدرك أني صليت أربعاً عندما أنهي صلاتي خلفك و قد أنهيت حساب دكاكيني الأربعة، أما اليوم فقد أنهيت حساب ثلاث دكاكين فقط.
قد تستغربون من القصة التي بدأت بها موضوعي هذا، لأن لا صلة ظاهرة بين القصة و العنوان، فما الذي يجمع بين صلاة الرجل خلف الإمام و الإبداع ؟؟!!.
هذه القصة تحمل في طياتها دليلاً على أننا لا نستطيع أن نتخلص من التفكير، و هذه هي همزة الوصل بين القصة و العنوان.
فالتفكير ملازم كتلازم الروح للجسد، فإذا فارقناه أصبحنا ميتيّ الأحياء.
يقول ريدير كلينج: عندي ستة من الخدم الأوفياء عنهم أخذتُ كل ما أعلم من العلوم و هذه هي أسماؤهم:
ماذا؟
لماذا؟
متى؟
كيف؟
أين؟
من؟ ــ أ.هـ
و في الغالب يسطر علينا نوعان من التفكير هما:
تفكير مألوف و هو يشكل ما نسبته 98% من عمليات التفكير التي نقوم بها.
تفكير غير مألوف و يشكل ما نسبته 2% من عمليات التفكير، و هو ما يسمى بالتفكير الإبداعي.
فنحن نأكل و نشرب و نتنفس، و لكن لا نركز تفكيرنا فيما نفعل، مع أن الله سبحانه و تعالى قد لفت أنظارنا إلى هذه الأفعال المعتادة التي نقوم بها و طلب منا أن نتفكر فيها.
قال تعالى : ( و في أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات 21.
و قال تعالى: ( فلينظر الإنسان إلى طعامه ) عبس 24.
و قال تعالى: ( فلينظر الإنسان مم خلق ) الطارق 5.
و حتى يكون تفكيرك إبداعياً يجب أن يتحلى بالصفات الآتية:
أن يكون واقعي التفكير.
منطقي قائماً على الدراسات و الإمكانيات.
إيجابي غير متشائم.
متزن .
و لعل أهم الصفات المطلوبة في التفكير الإبداعي هو الخيال، لأنه الأب الشرعي للإبداع.
فمن لا خيال له فلن يكون الإبداع ابناً باراً لفكره على الإطلاق.
و تكفيك حسنة واحدة للإبداع أنه ينتج لك منتجاً جديداً ليس له مثيل سابق، و ماركة مسجلة باسمك أبد الدهر.
و يروى أن أحد الصالحين كان إذا أراد أن يذكر الله و يتفكر في خلقه سبحانه و تعالى يأمر أهله أن ينظفوا الدار و يفرشوه و يرشوه بالعطر، ثم يأخذ مجلسه و يجلس صامتً مبتسماً منشرحاً، فلما سئل لِمَ كل هذا و الناس تذكر الله في الطرقات؟؟!!
قال لهم متعجباً: ألا ترون من أجالس ؟.
إن الله تعالى ذِكرُهُ قال في الحديث القدسي: ( أنا أجالس من ذكرني ).