يرددون أن 3 تفاحات غيّرت العالم: تفاحة آدم وتفاحة إسحاق نيوتن، مكتشف قانون الجاذبية، وتفاحة شركة "أبل" التي أسسها ستيف جوبز، الرجل الذي مات فجر اليوم الخميس من دون أن يلتقي بأبيه الحقيقي، ولو مرة واحدة طوال أكثر من 56 سنة، مع أنهما كانا يقيمان في بلد واحد.
حين الإعلان عن وفاة جوبز تم الاتصال بأبيه المهاجر من سوريا في الولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها منذ زمن بعيد، والذي يبلغ الثمانين من عمره الآن، مع ذلك فما زال عبدالفتاح جندلي يعمل في "كازينو وأوتيل بومتاون" في مدينة رينو بولاية نيفادا.
ومع أن الوقت كان أول الليل في رينو، والكازينوهات تنشط مساء في العمل، إلا أن عاملة الهاتف كررت الجواب نفسه مع كل اتصال، وهو أن جندلي لا يأتي للعمل إلا نهارا، ونادرا ما يطل ليلاً، فهو نائب رئيس مجلس الإدارة، ولم يكن في الكازينو ليلة الأمس.
وهناك القليل المكتوب عن عبدالفتاح جندلي بوسائل الإعلام الأمريكية، لأنه عاش دائما في الظل ولم يرو لأحد تقريبا بأنه الوالد الحقيقي للرجل الذي كان دائما مالئ دنيا الكومبيوترات والإلكترونيات وشاغل المدمنين عليها.
وابنه ستيف جوبز نفسه كان يساهم بدوره في إخفاء هوية والده الحقيقي، كما وإخفاء شخصية شقيقته منى، المصنفة للأمريكيين وبالخارج كواحدة من أشهر الروائيات، وبدورها كانت تساهم أيضا بإخفاء هوية أبيها وأخيها معا، فاسمها المعروفة به في الولايات المتحدة هو منى سيمبسون، لذلك لم تلتق بأبيها، وبأخيها التقت لأول مرة حين كان عمره 27 سنة، ثم تكررت اللقاءات والاتصالات دائما عبر الهاتف.
من "العروة الوثقى" إلى الولايات المتحدة لولا تلك المظاهرات والاحتجاجات لربما بقي عبد الفتاح جندلي في بيروت التي كات يميل للعيش فيها، وفيها كان سيتزوج ويبصر ابنه النور في بيروت أيضا، ولو كان له ما أراد لما كنا رأينا "أبل" وعجائبها الإلكترونية تبصر النور إلا بعد زمن مختلف عن الذي عاش فيه جيبس الراحل.
لكن الوضع السياسي في بيروت حمل جندلي ذلك العام للسفر إلى الولايات المتحدة حيث كان يقيم أحد أقربائه، وهو نجم الدين الرفاعي، مندوب سوريا في 1954 لدى الأمم المتحدة بنيويورك، فأمضى عاما في الدراسة بجامعة كولومبيا، ومن بعدها في جامعة وسكنسن التي درس فيها بمنحة مكنته من الحصول على الماجستير والدكتوراه بالاقتصاد والعلوم السياسية.
وأثناء الدراسة في وسكنسن كانت لعبدالفتاح جندلي علاقة بزميلة له من أصل سويسري ألماني، اسمها جوان كارول شيبل، وأثمرت قبل الزواج عن طفل أنجبته، لكن والد الطالبة كان محافظا كما يبدو، فرفضه كزوج لابنته، ولم ير جندلي طريقا أمامه سوى درب الانفصال عن الأم وابنها معا، فسار عليه حتى قبل أيام من ولادة الطفل في 1956 وتوارى عن الأنظار.
أما هي فردت بالأسوأ وعرضت طفلها في سان فرانسيسكو على من يرغب بتبنيه، وسريعا ظهر الزوجان بول وكلارا جوبز فتبنياه، وأيضا اختفى للطفل كل أثر، ولم تعد والدته تدري أين حلت به الرحال مع انتقال العائلة التي تبنته إلى عناوين عدة عبر الزمن، فنسوه كأنه لم يكن.
بعد أشهر قليلة ظهر جندلي ثانية في حياة زميلته وأم ابنه الوحيد، فتزوجها وأنجبت منه طفلة في 1957 سماها منى، وضاقت به الأحوال فسافر إلى سوريا حين كانت مع مصر في بداية الستينات بلدا واحدا باسم الجمهورية العربية المتحدة، راغبا العمل في السلك الدبلوماسي، متأثرا ربما بعمل قريبه نجم الدين الرفاعي.
البروفسور الجامعي يتحول إلى صاحب مطعم وكان الحلم الدبلوماسي صعب التحقيق على جندلي، فعمل مديراً لمصفاة تكرير نفط في حمص لمدة عام، وخلاله طلبت زوجته من المحاكم الانفصال، ونالت بعد الانفصال في 1962 حق الطلاق، ثم عاد هو إلى الولايات المتحدة من دون أن يتصل بها، وظل لا يدري أنها تزوجت أمريكيا من عائلة سيمبسون إلا حين التقاها بعد سنوات، ثم أقفل النسيان كل أبواب العودة إلى الماضي، وراح جندلي يعمل بروفسورا مساعدا بجامعة ميتشيغن ثم في جامعة نيفادا، ومن بعدها تنوعت ظروف الحياة معه فأهمل أهم ما في ماضيه.
ومضت سنون كان خلالها يتنقل من عمل إلى آخر: اشترى مطعما، وبعده عمل مديراً في شركات ومؤسسات بارزة في لاس فيغاس، ثم عاد ثانية إلى حقل المطاعم فافتتح مطعمين مرة واحدة بمدينة رينو، ومع المطعمين انضم إلى "كازينو وأوتيل بومتاون" ثم تكفل الزمن بالترقيات حتى أصبح نائبا لرئيس المؤسسة التي يتولى إدارتها حاليا وقد بلغ الثمانين، مع أنه يبدو في الصور أصغر بعشر سنوات على الأقل.
وفي لقاء مع صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية في أوائل هذا العام أيضا، ذكر جندلي الذي لم يقم بزيارة سوريا ولا لبنان منذ أكثر من 35 سنة تقريبا، أنه مسلم غير ممارس ولم يقض الحج "ولكني مؤمن بالإسلام عقيدة وثقافة وبالعائلة، وأنصح العرب القادمين للدراسة بالولايات أن لا يطيلوا إقامتهم فيها لأن الفرص أمامهم كثيرة في العالم العربي، خصوصا في الخليج" كما قال. ومرة تذكر جندلي ابنه ستيف وابنته منى فقال في مقابلة مع صحيفة "لاس فيغاس صن" في آذار الماضي إنه ترك ابنته حين كان عمرها 5 أعوام "لأن أمها طلقتني عـنـدما سافرت إلى سوريا، ثم عدت للاتصال بها بعد 10 سنوات، ولكن من دون طائل، ومن بعدها نقلت مكان إقامتها ولم أعلم بمكانها إلا منذ 10 أعوام فقط، فبقينا على تـواصل ولقاءات تتكرر 3 مرات كل عام تقريبا" وفق تعبيره.
وتعيش منى حاليا مع زوجها الذي اقترنت به في 1993 وهو المنتج والكاتب التلفزيوني الأمريكي، ريتشارد بيل، الأب منها لطفلين، وهي صاحبة 5 روايات شهيرة بين الأمريكيين، أهمها "الأب الضائع" حول بحثها عن أبيها عبد الفتاح جندلي.
أما ستيف جوبز الذي تزوج في 1991 من الأمريكية لورين بويل وله منها 3 أبناء، فكرر ما فعله به أبوه وأقام علاقة بأمريكية اسمها كريسان برينان، فأنجبت منه خارج الزواج طفلة في 1978 رفض الاعتراف بأبوته لها، فبقيت مع والدتها التي سمتها ليزا، ومن بعدها اعترف بها جوبز راضيا، وهي من بين من سيرثوا دولارات بمئات الملايين تركها، ومعها ترك الإعجاب لدى الصغير والكبير في 5 قارات.
يوسف علاوي
موضوع: رد: قصة السوري الذي تخلى عن ابنه ستيف جوبز قبل أن يرى النور 10/10/2011, 06:44
معقول يعني ليش القصص والحقائق اذا اعتبرنها حقائق تطلع بعد موت شخصية مهمة سؤال يطرح نفسه؟
قصة السوري الذي تخلى عن ابنه ستيف جوبز قبل أن يرى النور