جدل فقهي حول موعد بث الروح في الجنين

رغم لساننا الواحد إلا أننا لا نتكلم لغة واحدة فبعض الكلام يظل قابلا للنقاش وتبقى هنالك تباينات وخلافات في الرأي خاصة في ما ورثناه عن السلف الصالح، لكن لا شك بضرورة إعادة النظر مرة تلو المرة قبل التجرؤ على القول بأن ما يكشف عنه العلم اليوم يتناقض مع الأحاديث الصحيحة والآيات القرآنية.

يدور الآن على الساحة الدينية جدل فقهي بين علماء الأزهر حول تحريم وإيجاز الإجهاض في أي من مراحل الحمل. وتقول الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنها تميل إلى الرأي القائل بعدم جواز الإجهاض ولو كان عمر الجنين يوما واحدا، وأكدت أنها ستتقدم بطلب لمجمع البحوث الإسلامية لإصدار فتوى حديثة تحرم الإجهاض على الإطلاق استنادا إلى الرأي العلمي الجديد الذي أثبت أن النبض يبدأ بعد 24 يوما وأنه بعد خمسة أيام من الحمل يتحرك وينمو، لأن الموت هو مفارقة الروح الجسد وتوقف القلب عن النبض تماما وطالما أن الجنين به نبض فيكون روح حية لا يجوز قتلها.

وأكدت الدكتورة سعاد أن الفقهاء قديما كانوا يستندون في فتواهم بإجازة إجهاض الجنين في شهوره الأولى على آية قرآنية في أحدى السور التي تؤكد عدم تكوين الجنين إلا بعد مرور 120 يوما على وجوده في رحم أمه وهذا ما قاله سيد الخلق محمد رسول الله في حديث شريف يقول فيما معناه إن الجنين يتكون في مراحل أولها 40 يوما نطفة و40 يوما علقة و40 يوما مضغة، وبعدها ينفخ الروح فيه، ولكن الفقهاء الآن يجب أن يستندوا على ما وصل له العلم الذي أكد أن الجنين يعتبر روح في أيامه الأولى.

واستندت الدكتورة سعاد في رأيها إلى رأي الدكتور عمرو الحسيني، أستاذ أمراض النساء والولادة بجامعة عين شمس، القائل إن الجنين يعتبر كائنا حيا تدب فيه الروح بعد 24 يوما من الحمل، مؤكدا أنه ثبت بالأدلة وجود نبض وقلب مع البدايات الأولى للحمل، وكشف الدكتور عمرو في حديثه في البرنامج التلفزيوني "البيت بيتك" أن الجنين في اليوم الخامس من الحمل يكون عبارة عن مجموعة من الخلايا الحية وينكمش استعدادا للخروج من كيس الحمل للنمو وعندما يبلغ 24 يوما يبدأ قلبه بالنبض ويكون في هذه الحالة كائنا حيا به نبض مسموع ومرئي ولا يجوز بأي شكل من الأشكال إجهاضه من لحظة تأكد الأم من الحمل لأن الحيوان المنوي والبويضة كائنات حية وبعد الإخصاب وحدوث الحمل بلحظة تمنع البويضة دخول أي حيوان منوي جديد، وأكد أن الفكرة الشائعة أن الروح تدب في الجنين بعد 120 يوما فكرة خاطئة علميا.


أما خالد الجندي فيوضح أن مسألة الإجهاض بينها علماء الطب بأنهم ليس لهم علاقة بكلمة الروح، ويجب أن نلجأ إلى الأدلة الصحيحة المنصوص عليها في الأحاديث، عن حذيفة بن أسيد قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنه إذا مر للنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث اللّه تعالى إليها ملكًا فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها، وعظامها.

ثم يقول‏:‏ يا رب، أذكر، أم أنثى‏؟‏ شقي أم سعيد؟‏ فما الرزق وما الأجل‏؟‏‏ كما أوضح الجندي أن العلماء انقسموا إلى فريقين رأي يقول إن نفخ الروح يكون بعد 42 يوما بناء على الحديث الصحيح في مسلم، ونحن نأخذ به، وعلى ذلك فإن إجهاض المرأة نفسها في اليوم الثالث والأربعين يعد قتلا، والرأي الثاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم‏: ‏"إن النطفة تكون أربعين يومًا نطفة، ثم أربعين يوما علقة، ثم أربعين مضغة، ثم يكون التصوير والتخطيط والتشكيل" وهو حديث أيضا صحيح، والإنسان في موضوع الأجنة يجب أن يأخذ بالأوحط، كما يبدو أن هناك لبس عند بعض العلماء حيث أنهم خلطوا بين الحياة ونفخ الروح فالحياة الحيوانية لا تتطلب روحا ومن الممكن أن توجد حياة ولا توجد روح فالروح لا يتسبب وجودها في حياة، ولا يتسبب خروجها في وفاة، والدليل على ذلك فإن النبات لا روح فيها لكن فيه حياة إذ الحياة ليس من شروطها الروح، كذلك الحيوان المنوي كائن حي لكنه بلا روح، ولكن في النهاية لا يجوز الإجهاض بعد 42 يوما.