اربد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اربد

منتدى معلومات عامة
 
صفحة الاعلاناتالمنشوراتالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية )

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
يوسف علاوي

يوسف علاوي



( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية ) Empty
مُساهمةموضوع: ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية )   ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية ) Icon-new-badge4/10/2011, 04:38

اذا نجحنا في تحرير المصطلحات التي ذكرناها في عنوان هذا المقال فاننا حتما سنصل الى ان شكل الدولة في الاسلام

هو الدوله “المدنيه، الديمقراطيه، الليبراليه” ،ولكن ورغم كل ذلك فان الدوله في الاسلام لا يمكن بأي حال من الأحوال

ان تكون دولة “علمانية او دينية “ وذلك لأننا وبناء على التعريفات والمصطلحات المتداولة في الفكر السياسي المعاصر اليوم سـنجد أن :


أولا : الدولة الديمقراطية / هي الدولة التي يكون الشعب فيها هو مصدر السلطات ، بحيث ان الاغلبية هي التي تختار “الحاكم” الذي يحكمها ، وتحدد “الدستور” الذي ينظم شئون دولتها .


ثانيا : الدولة الليبرالية / هي الدولة التي تؤمن بتطبيق مبادئ عامة تكفل للافراد الحرية في الرأي والفكر والدين وتضمن لهم الحريات العامة والخاصة والطبيعية في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، على ان تكون هذه المبادئ الليبرالية العامة “مبادئ حاكمة” بمعنى ان الاغلبية لا تملك الغائها او تعديلها في حال فازت في الانتخابات ووصلت الى السلطة ، وذلك بهدف ان تصبح هذه المبادئ الليبرالية ضمانا لعدم تسلط او استبداد الاغلبية على حساب الاقلية .. مع الاخذ بعين الاعتبار وبحسب اقوال فلاسفة الليبرالية ان اليبرالية ليست نمطاً واحدا او شكلا واحدا ، بل ان الليبرالية تتشكل وتتكيف بحسب ظروف وقيم واخلاق كل مجتمع على حده ، وهذا امر هام جدا علينا ان نتذكره عند الحديث عن الليبرالية في الاسلام لاحقا .


ثالثا : الدولة المدنية / هي دولة ” المواطنه و القانون ” بحيث ان جميع المواطنون سواسية امام القانون مهما اختلف دينهم او عرقهم او جنسهم ، فلا احد في هذه الدولة فوق القانون حتى الحاكم نفسه .. وفي هذه الدولة المدنية لا يسمح لرجال الدين ان يحكموا باسم الله ولا لرجال الجيش ان يحكموا باسم القوة والسلاح ، بل الجميع يجب ان يكون تحت طائلة القانون .


رابعا : الدولة العلمانية / هي الدولة التي تفصل الدين عن الدولة بحيث لا تكون نصوص الدستور او القانون مستمده من اي نصوص دينية ، بل يجب ان تكون مستمده من نصوص انسانية وضعية .


خامسا : الدولة الدينية / ليس كما يعتقد البعض وليس كما هو شائع بين الناس بأن الدولة الدينية هي الدولة التي تطبق الدين ، بل الدولة الدينية هي الدولة التي تقوم على اساس الحق الالهي الذي يجعل من تصرفات وافعال الحاكم شيئا مقدساً بحيث لا تخضع افعاله للمحاسبه والمراقبه و لا يخضع هو للعزل والخلع وذلك لأنه يستمد سلطانه من الله تعالى مباشرة .


ان المصطلحات التي عرفناها اعلاه ليست مصطلحات مترادفه او متشابهه بل هي مصطلحات متمايزة ومختلفة عن بعضها البعض ، فمثلا من الممكن ان نكون امام نموذج لدولة علمانية ولكنها في نفس الوقت ليست ديمقراطية مثل “الاتحاد السوفيتي” السابق .. ومن الممكن ان نكون امام دولة ديمقراطية ولكنها ليست ليبرالية مثل “المانيا” في زمن الحكم النازي الذي اضطهد الاقليات والاعراق الاخرى .. ومن الممكن ان نكون امام دولة ليبرالية ولكنها ليست ديمقراطية مثل ” مصر” في زمن حسني مبارك .. ومن الممكن ان نكون امام دولة دينية بحتة مثل دول اوروبا في القرون الوسطى اثناء سيطرة الكنيسة .. ومن الممكن ايضا ان نصل الى دولة ديمقراطية ولكنها ليست علمانية وذلك اذا اختارت الاغلبية الشعبية دستوراً ذو مرجعية دينية “وهذا على ما يبدو ما سوف نراه في دول ما بعد ربيع الثورات العربية “ .. فكما قلنا سابقا ان المصطلحات السابقة دقيقه ومتمايزة لذلك وجب التنبية حتي لا تختلط الافكار في ذهن القارئ الكريم .


في البداية وبمراجعة تاريخ تكوين الدولة الاسلامية الوليدة سنكتشف اننا امام دولة “ديمقراطية – مدنية” وما علينا الا ان نعود الى اكثر من ١٤٠٠ سنه الى الوراء عندما هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة وأبرم ما يعرف “بوثيقة المدينة” التي تقوم على اساس حق المواطنة ، وهذه الوثيقة كانت بين النبي الكريم وبين سكان يثرب التي كان عدد سكانها نحو 10 آلاف شخص، منهم 1500 مسلم و 4000 يهودي و 4500 مشرك . وسنلاحظ هنا أن أطراف هذه الوثيقة كانوا من مختلف الأديان والأعراق والأجناس، حيث كان فيهم المسلم واليهودي والمشرك، وكان فيهم العربي والفارسي والرومي والحبشي، وكان فيهم الذكور والإناث، ورغم اختلاف الاجناس والاديان والاعراق فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أبرم هذه الوثيقة على أساس (حق المواطنة) القائم على أساس المساواة في الحقوق والواجبات، فقد ورد في بنود الوثيقة (أن اطراف الوثيقة امة واحدة) بمعنى أنهم مواطنون سواء بسواء، كما ورد في بنود الوثيقة (أن أطراف الوثيقة عليهم النصر والعون والنصح والتناصح والبر من دون الإثم)، كذلك أكدت بنود الوثيقة (أن الدفاع عن المدينة مسؤولية جميع الأطراف الموقعين عليها )، كما أكدت بنود الوثيقة على (روح المساواة والعدل والتعاون والتعايش السلمي بين أطرافها) .


وعلينا ايضا ان نلاحظ هنا بان هذا العقد الذي ابرم في “وثيقة المدينه” بين الرسول الكريم وبين سكان يثرب كان عقداً سياسيا وليس عقدا دينيا ، فاليهود والمشركين لم يبايعوا النبي الكريم في هذة الوثيقة على اساس انه رسول من الله وانما انتخبوه على اساس انه حاكم أعلى للمدينة، حيث سنجد انه عليه الصلاة والسلام لم يكن فوق القانون ولم يكن فوق المحاسبة لانه كان يحكم يثرب كحاكم سياسي وليس كنبي معصوم فكان يقول : “يا أيها الناس من ضربت له جسداً فهذا جسدي فليقتص منه ، ومن أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه ” ، وكان يقول : “والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقة لقطعت يدها ” .. كذلك يجب ان نلاحظ بان هذا العقد السياسي الذي تم في “وثيقة المدينة” كان عقدا رضائيا توافقيا بين سكان يثرب وبين الرسول الكريم ولم يكن عقداً جبريا بقوة السلاح ، حيث ان عدد المسلمين حين ابرام هذه الوثيقة لم يتجاوز ١٥٠٠ شخص بينما كان عدد اليهود ٤٠٠٠ شخص وكان عدد المشركين ٤٥٠٠ شخص ، ولا يتصور بالمنطق ان ١٥٠٠ شخص سيجبرون ٨٥٠٠ شخص على ابرام هذا العقد السياسي .


وهنا ارجو ان لا يقول قائل كيف ان الاقلية حكمت الاكثرية ، لاننا سنقول له ان كتب التاريخ لم تذكر انه حدث اي نزاع مسلح عند ابرام “وثيقة المدينه” مما يؤكد سلمية العقد السياسي الذي تم بين النبي الكريم واهل يثرب لبناء الدولة الجديدة ، كذلك فإن الباحث في التاريخ السياسي ليثرب سيعرف بان الحرب الضروس بين قبائلها خلال القرون الطويلة سببت الفوضى والاضطراب وأثارت اليأس والقنوط بين سكانها مما جعلهم يفكرون في تنصيب ملكاً عليهم لانهاء هذا النزاع ولتأسيس سلطة مركزية تضع حدّاً لهذه الصدامات والنـزاعات ، ولم يكن امامهم الا “عبدالله ابن سلول” رغم ما اشتهر عن ابن سلول من شخصية ضيقة الأفق وحريصه على مصالحها الخاصة ، ولكن قدوم النبي عليه السلام الى المدينة قبل ايام قليلة من بدأ مراسم تنصيب “عبدالله بن سلول” ملكاً عليهم ، جعل اهل يثرب يلتفتون الى النبي عليه السلام ليختارونه الحاكم الاعلى للمدينة بدلا من عبدالله ابن سلول ، خصوصا ان النبي عليه السلام كان من خارج الاطراف المتناحرة في يثرب وبذلك كان هو اكثر الاشخاص تأهيلا لكي يقع عليه التوافق الشعبي، كذلك لما اشتهر عن شخصيته عليه السلام التي كانت محط اعجاب العرب، وايضا لنسبه في قبيلة قريش التي كانت محل احترام واجلال كل القبائل في الجزيرة العربية .


ايضا بمراجعة تاريخ الدولة الاسلاميه في عهد الخلفاء الراشدين الاربعه والخليفة الخامس الحسن ابن علي ابن ابي طالب والخليفة السادس عمر بن عبدالعزيز ولا ازيد عليهم احدا الى يومنا هذا ، سيتضح لنا ان دولة الاسلام كانت تطبق مبدآ ان “القانون فوق الجميع وفوق الحاكم”، فالخلفاء كانوا خاضعين للمسآئله والمراقبه وحتى الخلع كما حدث في قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه .. وقد كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للشعب “اسمعوا واطيعوا” ، فيرد عليه احد الحاضرين ويقول له “لا سمع ولا طاعه حتى نعرف من اين لك هذا المال الذي تميزت به عن باقي المسلمين ” .. وكان الخليفة يقول للشعب “أيها الناس من رأى منكم مني اعوجاجاً فليقومه”، فيقول له احد الحاضرين “والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا” ، فيقول رئيس الدوله “الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه” ، وكان الخليفة يخطب بالناس ليضع قانونا جديدا ، فتقوم له امرأه وتعترض عليه ، فيتراجع رئيس الدولة ويقول “اصابت امرأه واخطأ عمر” .


وكذلك بمراجعة تاريخ الدولة الاسلامية الوليدة سيتضح لنا ان الشعب في دولة الخلفاء الراشدين كان هو الذي يختار الحاكم وذلك بحسب وسائلهم البدائيه في الاستفتاء والتي كانت متوفرة في ذلك الزمان، حتى انهم كانوا يستفتون العذارى من النساء في خدورهن وذلك كما حدث في اختيار الخليفة الجديد بعد وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث كان عبدالرحمن ابن عوف يستفتي النساء في خدورهن والاطفال في بيوتهم عن هذا الامر .


ولكن ورغم كل ذلك فبمراجعة تاريخ الدولة الاسلامية الوليدة سيتضح لنا ان دولة الاسلام لم تكن ابدا “دولة دينية” لان الحاكم فيها لم يكن فوق القانون ولم يكن فوق المراقبه والمحاسبة والعزل ، وكذلك لم تكن “دولة علمانية” لان الشعب قد اختار دستورا وقانونا مستمدا من نصوص دينية هي “القرآن والسنه” ، وهذا ما يخالف شكل الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة .


وهنا لابد من ذكر ملاحظة هامة جدا وهي انه لا يتعارض مع ديمقراطية و ليبرالية و مدنية الدولة مثلا وجود شرط ان يكون الحاكم الاعلى مسلما او ان يكون علم الدولة يحمل كلمة التوحيد لا اله الا الله محمد رسول الله ، ولتوضيح ذلك فما عليك الا ان تنظر الى اعلام دول ديمقراطية ليبرالية في العالم الغربي اليوم مثل بريطانيا والسويد واليونان وغيرهم والتي تحمل اعلامهم شعار الصليب المسيحي ، وما عليك الا ان تنظر مثلاً الى الدستور الإسباني ( الذي ينص في المادة السابعه على وجوب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية ، وينص الدستور في المادة السادسة على واجب الدولة رسميا في حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها ) ، وانظر الى القانون الانجليزي ( الذي تنص المادة الثالثة فيه من قانون التسوية على ان كل شخص يتولي الملك يجب أن يكون من رعايا كنيسة إنجلترا ولا يسمح بتاتا لغير المسيحيين ولا لغير البروتستانيين بأن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات ) ، وانظر الى الدستور الدانماركي ( الذي ينص دستوره في المادة الأولي على أن يكون الملك من أتباع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية ، وان الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة الأم المعترف بها في الدانمارك ) ، وانظر الى الدستور السويدي ( الذي ينص في المادة الرابعة وجوب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص, كما ينص على نفس هذا الشرط بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني ).


ونعود مرة اخرى لتاريخ الدولة الاسلامية الوليدة لنكتشف انها كانت دولة ليبرالية وذلك لانها اعطت للافراد والاقليات حقوقهم وحرياتهم الدينية والفكرية ، فمن الواضح بجلاء لاي باحث ان الاسلام يعتبر الحريات الفكرية والدينية والشخصية شيئا أساسيا , ذلك لأن الله سبحانه لا يقبل العمل الا اذا كان مصحوبا بإرادة كاملة الحرية ونية خالصة لوجهه تعالى ، فلهذا السبب لا يرى الاسلام أي جدوى من اجبار الناس على اعتناق الأفكار أو المعتقدات حيث قال تعالى “لا اكراه في الدين”.


ومن الملاحظ ايضا ان الاسلام لم يصادر أفكار خصومه ولا يمنعها من التداول بل لقد وثق القرآن الكريم آراءهم في قرآن يتلى الى يوم القيامة, فمثلا لقد ذكر القرآن الكريم أقوال اهل الكتاب في آيات كثيرة مثل قوله تعالى “وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله” وقوله تعالى “وقالت اليهود يد الله مغلولة” وقوله تعالى “إن الله فقير ونحن أغنياء” فبرغم ان هذه الأفكار تمس العقيده وجلال وقدسية الذات الإلهية الا ان الاسلام لم يمنعها من التداول ولم يحاسب اصحابها بأي عقوبة دنيوية انما رد عليهم بالحجة والمنطق والبرهان ثم ترك أمرهم الى الله سبحانه يوم القيامة, بل أكثر من ذلك لقد حض الاسلام على معاملة المخالفين بالحسنى اذ قال تعالى “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين”, كما سمح للمسلمين بالزواج منهم حيث قال سبحانة “والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب”, فإذا كان الاسلام لم يصادر ولم يمنع الأقوال التي مست العقيده والذات الإلهية فمن المنطق والبديهي أنه لن يصادر أي أقوال دون ذلك.


كذلك فان الاسلام يعطي للانسان الحرية الكاملة في تصرفاته الشخصية حتى وان كانت تخالف تعاليم الدين لأنها علاقة بين الانسان وخالقه دون سواهما لذلك فالاسلام يمنع التجسس والمراقبه والتشهير, ولكن بشرط ألا يجاهر الانسان بتلك التصرفات ولا يمارسها علنا في اوساط المجتمع, لأن هذه المجاهرة ستنقل الأمر من منطقة الحرية الشخصية الى منطقة حرية الآخرين حيث ان المجاهرة بتلك التصرفات ستكون بمثابة تشجيع ونشر لأفعال ربما لا يقبلها الآخرون لأبنائهم ولأنفسهم. والنصوص كثيرة بشأن ذلك فقد قال عليه الصلاة والسلام “كل أمتي معافى إلا المجاهرين” , وعندما أتى رجل اسمه “ماعزا” إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف عنده بالزنا بعد ان حثه على هذا الإعتراف رجل يقال له “هزال”, وقد حاول النبي رد الرجل عن ذلك أكثر من مرة ولكنه أصر على الاعتراف وطلب من النبي اقامة الحد علية , وعندما امر عليه السلام برجمه استطاع الرجل أن يفر و يهرب بعدما بدأ الناس برجمه بالحجارة , فلحق به أحد الصحابة يقال له “عبد الله بن أنيس” فضربه حتى قتله, فلما أخبروا النبي بذلك غضب عليهم وقال: هلا تركتموه ، هلا تركتوه ، هلا تركتموه ، “أي لماذا لم تتركوه يهرب” .. ثم دعا “هزال” الذي اقنع “ماعزا” بالاعتراف وقال له : بئس ما صنعت يا هزال لو سترته بطرف ردائك لكان خيرا لك , فقال هزال: يا رسول الله لم أكن أعلم أن في الأمر سعة.


وروي ان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان يراقب المدينة بالليل فسمع صوت رجل يغني في بيته , فتسور عليه المنزل فوجد عنده امرأة وشرابا من الخمر, فقال له : يا عدو الله أظننت ان الله يسترك وأنت على معصيته, فقال الرجل: يا أمير المؤمنين لا تعجل, فإني إن أكون قد عصيت الله في واحدة فأنت قد عصيت الله في ثلاث, حيث قال الله ولا تجسسوا وقد تجسست, وقال إئتوا البيوت من أبوابها وقد تسورت على بيتي, وقال الله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها وقد دخلت علي بغير اذن, فتركه عمر وخرج .


اما حديث “من بدل دينه فاقتلوه” فإنه لا يتعارض مع حرية الرأي والمعتقد لمن يعرف سبب هذا الحديث حيث ان نفرا من اليهود قال بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بدين محمد أول النهار ونكفر به آخر النهار حتى نشوش على الناس دينهم لعلهم يرجعون عنه, فأنزل الله تعالى قوله “وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون”, يقول الامام محمد عبده من الواضح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يأمر بقتل المرتد إلا لردع أولئك الذين كانوا يدبرون المكايد للتشويش والتدليس على الناس وكذلك حتى يكون هذا الحد منعاً للدخول في الاسلام من أجل مصالح دنيوية من دون قناعة حقيقية وإيمان صادق, وبهذا لا يكون هناك تعارض بين الحديث الذي أمر بقتل المرتد مع الآية الكريمه “لا إكراه في الدين”, فقتل المرتد لا يمكن أن يكون عقوبة على حرية الفكر أو ترك الدين والدليل على ذلك أن الاسلام قد ضمن لليهود والنصارى والمجوس حرية العقيدة وحمايتها من غير إكراه ولا تضييق. والمتأمل في الأمر سيعلم ان الاسلام ليس بحاجة لشخص لم يؤمن عن قناعة حرة لأن الله تعالى لا يقبل أي عمل اذا كان بالإكراه, كما أنه ليس للمسلمين مصلحة من الناحية الأمنية ان يكون بينهم منافقون يظهرون الاسلام ويخفون الكفر لان ذلك سوف يسهل تغلغلهم في المجتمع والعمل من داخله كجواسيس ضد مصالح الأمة.


اما الحروب التي خاضها الخلفاء الراشدون ضد المرتدين فقد كانت “أولا” بسبب التمرد العسكري المسلح الذي قامت به القبائل ضد الحكومة المركزية في المدينة وتهديد وحدة الدولة وهذا حق مشروع لأي دوله قديما وحديثا, و”ثانيا” كان ذلك لإعادة الحرية الفكرية والدينية للمستضعفين من ابناء القبائل الذين أجبرهم السادة على ترك الاسلام بقوة السلاح والسطوة والجاه.


ومبدأ اتاحة الحرية الفكرية والدينية للمستضعفين هو المبدأ التي قامت عليه فلسفة الجهاد والفتوحات في صدر الاسلام حيث أن قياصرة الروم وأكاسرة الفرس لم يكونوا ليسمحوا للدعاة بعرض الاسلام على رعاياهم ولم يكونوا ليسمحوا لرعاياهم بالدخول فيه اذا اقتنعوا به , والدليل على ذلك ان المسلمين لم يجبروا احدا من رعايا البلاد المفتوحة على الدخول في دينهم .


ولا يعتقد البعض بأننا ندعو للعودة الى شكل الدولة البدائي الذي كان قبل ١٤٠٠ سنه ، بالعكس تماما بل ندعو الى دولة حديثة تستفيد من كل انجازات وتطورات المجمتع الانساني ، فالباحث في أسلوب التشريع القانوني في الإسلام سيعرف بأن الإسلام قد جاء بنوعين من الاحكام الفقهية ، فأحكام العبادات والتي تتصف بالثبات قد جاء الاسلام بتفاصيل كاملة حولها , أما أحكام المعاملات التي تنظم علاقة الأفراد بعضهم ببعض والتي تتصف بالمرونة والتبديل بحسب ظروف الزمان والمكان فقد وضع لها الاسلام احكام ومبادئ عامة ثم ترك المجال للفقهاء في استنباط الأحكام التفصيلية من خلال هذه القواعد والأحكام العامة التي وردت في القرآن والسنة، وذلك تطبيقا للقاعدة الفقهية الذهبية التي تقول “الحكم يدور مع علته وجودا وعدما”.


لذلك سنجد بوضوح أن الاسلام قد وضع قواعده الرئيسية والكلية لنظامه السياسي مثل “العدل, الشورى, المساواة, الحرية, الرقابة، محاسبة الحاكم وغيرها من مبادئ دون الدخول في التفاصيل, فمثلا نجد ان الإسلام في نظريته السياسية لم يتطرق الى شكل الدولة والنظام, سواء أكان جمهوريا او ملكيا او رئاسيا اوبرلمانيا, إنما ترك كل تلك الأمور لاختيار الناس من خلال الشورى حسب ظروف زمانهم ومكانهم وحسب تطور الشعوب وتطور الوسائل التي تحقق العدل والمصلحة العامة لهم.


وسنلاحظ اليوم بان فقهاء القانون الغربي يعتبرون القانون السويسري من أفضل القوانين في العالم ذلك لأنه وضع قواعد وأسسا عامة من دون الدخول في التفاصيل اي انه استخدم نفس آلية التشريع القانوني الاسلامي , لذلك سنجد ان الفقيه القانوني الفرنسي جوسران يقول عن القانون السويسري ” انه فاق الكثير من قوانين العالم لأنه لم يحاول أن يضع نصا قانونيا لكل مسألة بل إنه اكتفى بوضع القواعد والمبادئ العامة وترك لأساتذة القانون الحرية الواسعة في التقدير والاجتهاد من خلال هذه المبادئ العامة, وبذلك استطاع المشرع السويسري أن يؤمن لقانونه المرونة والتطور ” انتهى كلام الفقيه الفرنسي جوسران.


وهذا الأسلوب السياسي في النظرية الإسلامية هو بالضبط ما يقول به الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو حيث إنه قال بعد أن وضع الأسس العامة لنظريته السياسية “إن النظام السياسي الأمثل لابد وأن يختلف من بلد الى آخر ومن وقت الى آخر حسب اختلاف الظروف الطبيعية والإنسانية, ولكن لابد لأي نظام من هذه الأنظمة في أي مكان وأي زمان أن يحقق المبادئ والأسس العامة التي تقوم على الحرية وسلطة الشعب”, كذلك سنرى أن الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو وبعد أن وضع الأسس العامة لنظريته السياسية قال “لا يهم الشكل الدستوري للدولة طالما أنها التزمت بالمبادئ المذكورة”, وسنلاحظ بأن هذا ما فعله المنظرون السياسيون في العالم الغربي في العصر الحديث حيث إنهم وضعوا الأصول والأسس العامة للنظام الديمقراطي ثم تركوا لكل دولة الحرية في اختيار شكل الدولة والنظام فيها سواء كان ملكيا ,جمهوريا, رئاسيا, برلمانيا.


ومن الواضح أن الإسلام قد جعل من أهم المبادئ في نظريته السياسية مبدأ الشورى ومبدأ العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم حيث إن نظام البيعة مشتق من كلمة “البيع” والبيع ما هو إلا عقد بين البائع والمشتري قابل للفسخ والبطلان والتعديل إذا أخل أحد أطراف العقد بالشروط .


ومن الملاحظ أيضا أن الإسلام تدريج في تطبيق مبدأ الشورى بعد أن استطاع أن يحول المجتمع البدوي الى مجتمعا متحضرا, ففي بادئ الأمر كانت جميع السلطات بيد النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام) “كقائد أعلى ومؤسس للدولة” ثم بدأ النبي بالتدريج بتدريب الناس على مبدأ “الشورى والاختيار” وأخذ هذا الأمر بالتطور خلال العصور التالية التي حكم فيها الخلفاء الراشدون , ولكن وللأسف فقد تم وأد هذا المشروع الحضاري القائم على الشورى والمشاركة الشعبية “الديمقراطية” بانتهاء عصر الخلافة الراشدة وبداية عصر الظلم والاستبداد.


وسنلاحظ أن فلاسفة الغرب السياسيين مثل الفيلسوف الإيطالي الشهير ميكافيللي قد أيدوا نظرية التدرج في الديمقراطية حيث يقول ميكافيلي “إن الديمقراطية هي النظام السياسي الأمثل في حالة وجود دولة مستقرة وشعب مستنير, أما في مرحلة تأسيس الدولة أو إصلاح دولة فاسدة على وشك الانهيار فالنظام السياسي الأمثل لها هو حكم المستبد العادل أو الديكتاتور المستنير”.


واعتقد جازما ان الشعوب العربية اليوم وبفضل من الله اصبحت جاهزة لتطبيق الدولة الحديثه الديمقراطيه المدنية التي تكفل تطبيق المبادئ الاسلامية والانسانيه الساميه ، بل ان الشعوب العربية اصبحت اليوم تستحق هذا وبكل جدارة بعد ما اثبتت بشكل منقطع النظير انها شعوب واعية وحية وتستطيع ان تدير شؤنها باقتدار ورقي وحضارة .


في نهاية المقال ارجو ان لا يعترض احداً على استخدامنا لمصطلحات حديثه مثل الديمقراطيه والليبراليه والمدنيه ، فكما يقول العلماء ” لا مشاحة في الاصطلاح “ وكما يقولون ايضا ” العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالالفاظ والمباني ” .



الكاتب الدكتور : معن الجربا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
KLIM

KLIM



( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية )   ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية ) Icon-new-badge5/10/2011, 02:30

الدولة الاسلاميةا كانت دولة ليبرالية وذلك لانها اعطت للافراد والاقليات حقوقهم وحرياتهم الدينية والفكرية ، فمن الواضح بجلاء لاي باحث ان الاسلام يعتبر الحريات الفكرية والدينية والشخصية شيئا أساسيا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوسف علاوي

يوسف علاوي



( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية )   ( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية ) Icon-new-badge5/10/2011, 02:42

بالتاكيد يا كلام اساس الدوله الحريات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
( دولة الاسلام مدنية ديمقراطية ليبرالية .. لكنها ليست علمانية ولا دينية )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اربد :: المنتدى العلمي :: ادب و شعر :: نثر و مقالات-
انتقل الى: