عبارات المجاملة نوع من النفاق الاجتماعي

الكثير منا تستهلكه عبارات المجاملة حتى تكاد أفواهنا تتساقط أفكاكها تعباً . لا مانع أن تكون ودود ولكن ليس إلى حد المراوغة والتزييف للحقائق فتذهب المسميات وتتبعثر المعاني بين كلمات وعبارات المجاملات الرخيصة التي اعتدت أن تنثرها من فمك بسهولة أسهل من نثر رذاذ عطسك .الأمر ليس بهذه السهولة التي أتكلم بها ألان فحتى يحدث مثل هذا التغيير في أن تكون ودود بغير تدليس وتلبيس للحقائق تحتاج إلى مران يطول أو يقصر على حسب قوة عزمك في التخلص من احد عادات الحديث السيئة . ربما البعض سيقول أنا لا أكذب بل غيري عنده هذه الآفة الخطيرة ..انظر ألان.. لقد وقعت في الخطاء الذي نتكلم عنه مع الإصرار على تلبس الحالة وجعلها عادة عندك ووضع طبيعي حتى انك لا تحس بالفرق بين أن تكون مجامل تدلس على الآخرين حقيقة ما هم عليه وبين أن تكون في حال مغاير لما أنت عليه ..أمر أخر البعض يخلط بين ما نسميها مجاملات ( أسميها مجاملات رخيصة) وبين اللين والمداراة التي يطلب منك أن تتحلى بها خلقاً عند التعامل والحديث مع الآخرين ..ما نسميها مجاملات هو برقع سهل إسقاطه عند أول فضح لزيف كلامك الظاهر في تقلب رأيك وسهولة انجرافك مع أي تيار مر في حياتك بدون محاولة منك للثبات بوجهه لتكون أنت, لا ما يريده الآخرين ( لا تحزن فنحن كثر تحت هذا التوصيف ) وخاصة أن كنت على الحق ..انك تفشل بان تكون أمة لوحدك كما كان أبراهيم عليه السلام . المجاملات كما يطلق عليها المتورط فيها لتخفيف عبء وخزها المشين عندما تحاول أن تهجع لنومك وتكتشف انك ورطت أحدهم بنفخ أوداجه بما لا يستحقه فمضى في جهله وهو يظن انه على الحق المبين . هذه المجاملات هي النفاق ..أما المداراة واللين والمرونة في الطرح فهي أن تقدم الحقيقة على طبق محلى بزينة الكلام اللطيف السهل ويكون هذا الكلام كأنك تهديه هبة إلى صاحبه لا تنتظر منه جزاء و ألا فضل أن تحفظ له خصوصيته في التقديم فلا فضائح ونشر للغسيل الوسخ حتى يرى قبحه الجميع وأنت تعرف كم نحب أن نتلصص على عورات الآخرين !.كما ليس المطلوب منك أن تكون خطيب مفوه لتخرق أسماعنا بكلماتك الطنانة مدحاً أو ذماً لمن تريد أن تعلوا له همته وشأنه أو تحط من قدره وتمرغ بوحل الخزي أنفه .فالكلام الهادئ يصل للقلب كما يصل شعاع النور بهدوء إلى ظلمة القلوب فينيرها طمأنينة وراحة .وتستطيع أن تتعرف على حقيقة كونك مجامل رخيص الكلام الذي تبيعه لمن هب ودب.. أو كونك تداري النفوس فتكون كطبيب يداوي ببلسمه النفوس العليلة ..فالمدارة لا تهضم حق لطالبه بل ربما كان كلامك عند من أغتصبه شفاعة ليرد لأهل الحقوق حقهم .. والمداراة لا تشوه ولا تحرف صواب عن مساره الصحيح بل تصوب له انحراف مجراه إن صادف من يحاول أن يلويه أو صب قوالب الكلام بغير جوهر الحقيقة المرجوة كشفها في حينها .. وهي ترد جاهل عن غيه وجهالته من غير حاجة للقوة والبطش في اليد واللسان .. وهي تمحي صورة خاطئة رسمت لك من ألآخرين فانطبعت في ذهن احدهم عنك ... كما أن المدارة أخيراً تجعلك بمنء عن سفه احدهم فأنت كمن يتخطى من أمامه بوقع خفيف لا يكاد يسمع .. فلا يعترض لك سبيل . ربما ظن البعض انه الخوف إذاً.. لا.. ليس خوف فأنت تقول الحق لا تخفيه أو تبطنه كما انك لا تزين انحراف وجهل بزخرف الكلام وباطله ..تقول الحق لكن بصوت هادئ ومتعقل .. و ما نفعله هنا أننا نحاول أن نرسم لأنفسنا الخط الرقيق الفاصل بين النفاق الاجتماعي الذي يتخذ من المجاملات عنوان عريض يعرف به عند الناس ويختبئ غلف زخرفه الكثير من النوايا السيئة .. وبين المداراة التي هي سلوك مطلوب.. تكون الرحمة واللطف أبرز عناوينه التي يعرفه به الناس . ومن قبل سألت متعجبة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.. الرسول عليه الصلاة والسلام حيث رأته يهش ويبش لمن عرفت رأي رسول الله فيه ..اهو النفاق يا رسول الله ؟! قال ..إنها المدارة يا عائشة ..

هناك مواقف يجب التعبير والمجاملة فيها ولا تعتبر من النفاق