واضح ان في تل ابيب غضب عاصف ضد الاردن. فالتسريبات التي تتوالى عبر الصحيفة العبرية ايديعوت احرنوت تؤكد ان اليمين الاسرائيلي المتطرف ماض في محاولة تعكير صفو واستقرار الاردن من خلال تقاريره المسمومة والتي لم تعد تخفى على الاردنيين.
ولعل ما يزعج هذا التيار المسيطر على القرار في الكيان العبري همة الملك عبدالله الثاني في حث المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته تجاه احقاق حق الفلسطينيين في دولتهم وعدم اغلاقه الرئة التي يستمد منها الفلسطينيون طاقتهم للاستمرار في نضالهم لتحقيق حلمهم.
والغضب الاسرائيلي من الملك لم تعد اسبابه سرا على احد، فقول جلالته بان اسرائيل في اضعف حالاتها كان له اثره على الشارع الاسرائيلي ولذلك فبنيامين نتنياهو واعضاء حكومته المهددين بالسقوط، لم يجدوا ما يسعفهم من تنامي القلق بين الاسرائيليين الا تجديد الهجوم على الاردن ووفق اساليب يقال عنها شعبيا بانها " محروقة".
اما الهزة الاعنف للفريق الاسرائيلي الحاكم فكان لقاء جلالة الملك مع المثقفين والاكاديميين الاردنيين والذي اكد فيه جلالته انه لا يوجد وطن بديل وان الاردن ستدافع عنه واننا مستعدون للقتال من اجل حمايته.
ما يخشاه الاستراتيجيون العبريون ان ينتكس الشارع الاسرائيلي من الربيع الاردني والعربي الذي بات مصدر تهديد لامنهم وبالتالي ان ينقلب الى ربيع اسرائيلي للضغط على حكامهم بالجلوس مع الفلسطينيين على طاولة المفاوضات ومنحهم حقهم في الدولة الفلسطينية.
سحب نتنياهو للسفير والطاقم الدبلوماسي من السفارة الاسرائيلية في عمان ليس خشية من المسيرة المليونية التي نظمتها القوى المعارضة للسلام مع تل ابيب، وانما لاحراج الاردن دوليا ودفعه الى صدام مع ابناء شعبه الذين هتفوا ما هتفوه على مدى ثمانية اشهر وخلال اكثر من 2400 مسيرة واعتصام تحت شعارات الاصلاح ومكافحة الفساد.
ومن تابع تصريحات السفير الاسرائيلي من تل ابيب ضد الحراك السياسي الاردني بانه استعراض عضلات، فهم انه استفزاز لتلك القوى من اجل استخدام العنف ضد السفارة ومن فيها وبالتالي الاصطدام مع الامن الاردني الذي لن يقف مكتوف الايدي امام ما قد يحاك ضده من مؤامرة دولية اذا تردد في حماية بعثة دبلوماسية اجنبية على اراضيه.
حكام اسرائيل فقدوا مصداقيتهم عند ابناء جلدتهم والمجتمع الدولي .. ومصداقية الخطاب السياسي الاردني تعزز تفاعل العالم معه وهذا ما يزعج الصهاينة المتطرفين.