محمود صايمه

عمان- خسرت الساحة الفنية الأردنية فجر أمس إحدى قاماتها الإبداعية على الصعيد الكوميدي برحيل الفنان محمود صايمة عن عمر يناهز الخمسين عاما، في مستشفى الاستقلال، بعد إصابته بجلطة في القلب، نتيجة مضاعفات من أمراض باطنية مزمنة.
رحيل صايمة المفاجئ تلقاه زملاؤه من الوسط الفني بحزن بالغ ودموع تفيض عرفانا بدور الراحل على الصعيد الدرامي والكوميدي، حيث ترك بصمة إبداعية، ستظل تشكل علامة بارزة في مسيرة الفن الأردني.
صايمة لم يكن مجرد مؤد للأدوار التلفزيونية فحسب، بل كان صاحب رسالة سامية حرص من خلالها على إدخال الفرحة على قلوب الناس، ورسم البسمة على وجوههم حتى وإن كان هناك ما يكدر صفوه.
وقْعُ الخبر أصاب أعضاء الوسط الفني بالذهول بهذا المصاب الجلل، فما كان من معظمهم إلا الاستسلام للدموع التي تبكي رحيله وتنعاه وتطلب له الرحمة.
نقيب الفنانين الأردنيين الفنان حسين الخطيب، الذي قدم أحر التعازي للأسرة الفنية ولأهل الراحل، عبر عن مدى حزنه برحيل الفنان محمود صايمة، مشيرا إلى دوره الكبير في إثراء الساحة الفنية بأعماله الكوميدية المتنوعة التي كان يقدمها.
ويضيف الخطيب أن صايمة من الأشخاص الذين كان يفتخر بالتعامل معهم، ليس على الصعيد الفني فحسب، بل على الصعيدين الشخصي والإنساني لدماثته وطيبة قلبه، لافتا إلى أنه من الشخصيات التي كلما اقتربت منها أحببتها.
"كان هاجس صايمة دائما أن يكون هناك كوميديا"، يقول الخطيب، الذي يؤكد أن الراحل استطاع أن يثبت نفسه، وأن يترك أثرا واضحا على الحركة الفنية المحلية، من خلال تجسيده قضايا وهموم المواطنين.
ويردف الخطيب "عزاؤنا بأنه لم يحد عن الهدف الذي أراده، فظل طيلة مشواره الفني يحمل رسالته السامية بين يديه، وهي إدخال البهجة إلى القلوب".
في حين استقبل الفنان حسين طبيشات الذي شكل مع صايمة ثنائيا كوميديا ناجحا وعلاقة صداقة وأخوة قوية، خبر رحيل شريكه الراحل بحزن وألم شديدين؛ إذ سبقت الدموع كلماته، معربة عن عميق حزنه وصدمته الحقيقية بتلك الفاجعة.
وعن علاقته بالراحل، يقول طبيشات "جمعتني بصايمة عشرة عمر استمرت 35 عاما، وخسارته قصمت ظهري"، مؤكدا أنه إنسان رائع وبسيط بكل ما تعني الكلمة، ويحمل قلبا طيبا، لم يلقَ منه يوما سوى الاحترام والتقدير، ذاهبا إلى أنه وبرحيله فقدت الساحة الفنية الأردنية عمودا من أعمدة الفن الكوميدي.
الفنان محمود صايمة "مات قهرا" وفق ما يقول الفنان زهير النوباني، لافتا إلى أن قلة اهتمام الجهات الرسمية والمعنية بالفن كانت بمثابة "الغصة" في قلب هذا الممثل الذي يتمتع بموهبة خاصة وفريدة من نوعها.
ويضيف النوباني أن صايمة عانى كثيرا من صعوبة تأمين متطلبات حياته، مشيرا إلى أن هذا الفنان المتميز لو كان في دولة عربية أخرى مثل مصر، لكان حُمل على أكف الراحة، فهو حالة إبداعية خاصة.
ويبين النوباني أن صايمة كان ضحية عدم رعاية المؤسسات المعنية بالفن في الأردن والتي يجدر أن تقوم بدورها المنوط بها، وأن تهيئ للفنان كل ما يمكّنه من التفرغ لإبداعه وفنه وموهبته.
أما الفنان داوود جلاجل، فحزن عند تلقيه خبر وفاة صايمة، واصفا الموت بأنه يختار الأجمل عادة، مشيرا إلى "أن رحيله سيترك فراغا كبيرا من الصعب ملؤه".
ويضيف جلاجل "إلى جانب موهبته الفذة، كان صايمة إنسانا بمنتهى الطيبة"، لافتا إلى أنه لم يؤذ أحدا أو يحمل موقفا عدائيا من شخص، حيث كان "يعيش حياته بالطول والعرض بدون أن يفكر بالغد".
ويذهب إلى أنه عرف بخفة الظل والدم، حيث إنه كان يشيع البسمة أينما حل، حتى في الاجتماعات الجادة، إذ كان يحولها بخفة دمه إلى مواقف كوميدية، داعيا له بالرحمة ومتمنيا لأهله الصبر والسلوان.
في حين اعتبرت الفنانة سميرة خوري أن رحيل صايمة خسارة كبيرة للفن في الأردن والوطن العربي، لاسيما وأن "العالم عادة ما يفرز فنانين يشكل وجودهم حالة خاصة، فكيف عندما يكون كوميديان مثل صايمة".
ليس من السهل أن تنتزع البسمة من قلوب الناس، وفق خوري، التي تذهب إلى أن صايمة كان مثالا لذلك، حيث كان تلقائيا في رسم البسمة على شفاه من هم حوله، من دون أن يكون مقحما نفسه، منوهة إلى أنه استطاع أن يفرض وجوده كممثل كوميدي ناجح على الصعيدين المحلي والعربي.
وأشارت خوري إلى أنه كان من المفترض أن يجمعها مع صايمة عمل جديد لكن رحيله حال دون ذلك.
الفنانة عبير عيسى، التي لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء فور تلقيها نبأ رحيل صايمة، أعربت عن عميق حزنها، مشيرة إلى أنها مصدومة من هول الخبر، حيث كان يجمعها مع صايمة عمل عرض طيلة شهر رمضان "وين ما طقها عوجة"، مؤكدة أن الخسارة كبيرة والفاجعة مؤلمة، متمنية الصبر من الله لأسرته والأسرة الفنية جمعاء.
الفنان حسن سبايلة، الذي تلقى خبر رحيل صايمة بحزن وألم شديدين، أشار إلى أن بداية مسيرته الفنية كانت مع الراحل، حيث قدما العديد من الأعمال التلفزيونية، واصفا إياه بـ"عمود الكوميديا الأردنية، وأن فقدانه نزل كالصاعقة على أذنيه"، متمنيا له الرحمة والمغفرة.
"مصابنا عظيم وجلل وخسارتنا كبيرة"، تقول الفنانة أمل الدباس، التي لم تكن تتوقع سماع مثل هذا الخبر، مؤكدة أن الوسط الفني فقد كوميديان مهما، وموهبة حقيقية نادرة الوجود، ومن الصعب أن تتكرر.
في حين وصف الفنان نبيل صوالحة الراحل محمود صايمة بالإنسان الطيب والفكاهي، وبأن روح النكتة مولودة معه، وأنه قريب من قلوب الناس بدون تكلف أو تصنع، مبينا أنه رغم ظروفه الصحية السيئة، إلا أنه استطاع أن يدخل الفرحة على قلوب الأردنيين.
وذهب صوالحة إلى أن رحيل صايمة خسارة للفن الأردني وسيبقى ذكره حاضرا "فلا أجمل من ذكر الابتسامة".

انا لله وانا اليه راجعون

المرحوم كان من الممثليين المميزين ان لله وانا اليه راجعون