حضر العيد فغابوا..
في الوقت الذي كان يصول ويجول فيه سياسيونا عواصم أوروبا سياحة واستجماماً، كانوا هم يخلعون سترهم البرتقالية،ليمارسوا فرحهم وراحتهم بسكينة ورضا بعيداً عن مداخل بيوتنا وطرقنا..وفي الوقت الذي لم نشعر فيه بغياب رجالات الدولة عن حياتنا اليومية، شعرنا بأهمية عمّال الوطن خلال عطلتهم القصيرة جداً،ليثبتوا لنا كم هم اساسيون وأصيلون وكم نحن هامشيون واتكاليون..
منذ اليوم الأول للعيد..غرقت الشوارع الرئيسة و الحارات والدخلات والجزر الوسطية بزبالة البيوت ومخلفات المحال التجارية والمطاعم ..وتكرّشت الحاويات والبراميل بزفير استهلاكنا وفضلات سلوكنا.. المناظر المنتشرة في المدن والقرى والعاصمة لم تدل فقط على أهمية هذه الفئة المظلومة والمسحوقة اجتماعياً واقتصادياً وتنظيمياً وانما على «فغاغتنا» وفوضويتنا وعدم اكتراثنا وغرورنا وثقافتنا الوطنية المنقوصة « أيضا.
اكتب هذا اليوم عنهم، لا من باب المثالية، ولا المجاملة،ولا كسب التعاطف، وانما للفت الانتباه لأهم قطاع خدمي في الوطن..الذي ما زال مرمياً على رصيف اهتمامات الحكومات ورعايتها..اكتب عنهم هذا اليوم، لأن كثيراً منهم آباء وأرباب أسر يتمسكون بالعيش على حافة الكرامة،أكتب عنهم لأن الجامعات تفتح أبوابها الأسبوع القادم... بينما اولادهم يقفون خارج اسوار الجامعة محرومين بسبب أوضاعهم الاقتصادية ..اكتب عنهم لأن من التصق بتراب البلد وشوارعها وكحّل ارصفتها «بمكنسته» في كل صباح له حق على هذا الوطن ان يكون لابنه مقعد جامعي أسوة بالوزير والنائب والإستاذ الجامعي والقاضي والمعلم والصحفي...
ابناؤهم أولى بالمقاعد الجامعية من غيرهم لأنهم ما زالوا يقسمون اللقمة بين الفم والحرف دون شكوى او تأفف او مقايضة.
اتمنى على الحكومة بدءاً من هذا العام ان تخصص مقاعد ومنحا جامعية لأبناء عمال الوطن .. علنا نردّ بعضا من الجميل لهم، ونرد الانحناء الصباحي اليومي بانحناءة شكر سنوية ولو مرة..