ذو القعدة هو الشهر الحادي عشر من السنة القمرية (أو التقويم الهجري)، وهو الشهر الذي يسبق الحج. وهو أول الأشهر الحرم المذكورة في القرآن الكريم. يعتقد أن أصل التسمية تقوم على فكرة القعود عن الحرب. يقول البيروني: « ... وذي القعدة للزومهم منازلهم». ويقول : «ثم ذو القعدة لما قيل فيه اقعدوا أو كفوا عن القتال». وفي اللسان : « ... وقيل سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو والميرة وطلب الكلأ». وجاء في المصباح المنير، عند تفسيره أسماء الأشهر الإسلامية «وذو القعدة لما ذللوا القعدان...» والقعدان جمع قعود وهو ابن الجمل. وأما في السريانية فإنه يفيد الركوع وحني الركب. فيكون قد سمي ذا القعدة استعدادا للحج، أو لأنه كان في الجاهلية شهرا مقدسا محرما لا يحل فيه القتال.
صلح الحديبية
كان في ذي القعدة من سنة 6هـ، وفيها خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في ما يقرب من ألف وأربعمائة من الصحابة الكرام قاصدين مكةَ لأداء العمرة، فلما علم المشركون بذلك جمعوا أحابيشهم وخرجوا من مكةَ ليصدوا رسول الله وأصحابه عن العمرة من ذلك العام، فرجع رسول الله بعد أن صالحوه على أن يأتي العام القادم، ولا يُقيم أكثر من ثلاثة أيام، وعلى هدنة تكون بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم لمدة عشر سنين، وعلى أن يردَّ رسول الله من قصده من الكفار مسلمًا، وألا يردُّوا هم من قصدهم من المسلمين كافرًا.
وعلى الرغم من جور المعاهدة إلا أن رسول الله قَبِلَها وقد حدث قبل الصلح أمر بيعة الرضوان، بعدما أُشيع أن عثمان قُتل، وكان رسول الله قد بعثه إلى قريش يُعلِمُهم أنه ما جاء لقتال أحد، وإنما جاء معتمرًا، وقد أثنى الله على المؤمنين وأنزل فيهم قرآنًا ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُوْنَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِيْ قُلُوْبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِيْنَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيْبًا﴾ (الفتح: 18).
عمرة القضاء
وكانت في العام السابع من الهجرة؛ حيث خرج رسول الله من المدينة معتمرًا، وسار حتى بلغ مكةَ فاعتمر وطاف بالبيت، وتحلَّل من عمرته، وتزوَّج بعد إحلاله بأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها.
حجة الوداع
وكان مبتدأ خروج الرسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المدينة لأداء حجة الوداع في ذي القعدة من العام العاشر للهجرة، وكان ذلك مع جمعٍ من المسلمين كثير، صلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بذي الحليفة ركعتَين وبات بها، وأتاه آتٍ من ربه عز وجل في وادي العقيق يأمره أن يقول في حجته هذه: "حجٌّ في عمرة"، ومعنى هذا أن الله يأمره أن يُقرن الحج مع العمرة، فأصبح فأخبر الناس بذلك.
معركة الفِرَاض
بدأت هذه المعركة في شهر رمضان من عام 12هـ ووضعت أوزارها في شهر ذي القعدة من العام نفسه. وفي هذه الموقعة تمَّ تحالفٌ ثلاثيٌّ بغيضٌ بين مشركي العرب والروم النصارى والفرس المجوس ضد المسلمين، وانتصر فيها المسلمون بقيادة خالد بن الوليد- رضي الله عنه- على هذا التحالف الشرّ، والفِرَاض هي تخوم الشام والعراق والجزيرة من الجنوب الشرقي.
وقد قُتل من جيوش التحالف الرومي الفارسي العربي يومئذٍ مائة ألف قتيل، بإجماع المؤرِّخين؛ يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: "واجتمعت عليه الروم والعرب والفرس، فأوقع بهم وقعة عظيمة، قُتل فيها مائة ألف!!".
فتح بيسان
تقع مدينة بيسان في القسم الشمالي من فلسطين في الزاوية الجنوبية الشرقية منه، وفي ذي القعدة سنة عام 13هـ= 634م فتُحت بيسان من قبل المسلمين على يد القائدين شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.