ما هو الجفر ,,,,,,,,,,,,, اصل كلمة الجفر
منقول
اطلق لفظ الجفر في معاجم اللغة على معاني أربعة:
المعنى الأول: ولد الشاء، و الشاء جمع شاة هي الواحدة من الغنم، و قد استعمل لفظ الجفر في لغة العرب بهذا المعنى لكن مع تحديد دائرة شموله لأفراد الغنم ليختصّ ببعض أولاد الشاء دون البعض الآخر، فخصُّوه تارة بولد الشاء الذي عظم و استكرش و اتّسع جنباه(1) فلا يشمل الهزيل من الغنم, وحدّدوه تارة أخرى بولد المعز من الشاء الذي بلغ أربعة أشهر(2) واتّسع جنباه وفصل عن أمّه(3) فلا يشمل ولد الضأن من الغنم, ولا الهزيل منها, ولا الصغير دون ذلك السن, وقبل الانفصال عن الأُمّ، و ضيّقوا معناه ثالثة فخصُّوه بالذكر من أولاد المعز (أي الجدي) الذي فطم عن أُمّه و هو ابن ستة أشهر(4) فلا يشمل الاُنثى من ولد المعز, ولا غير المفطوم منها، و كذلك دون سن الستة أشهر. و على الرغم من اختلاف هذه المعاني الثلاثة للفظ الجفر إِلاّ أنّها تشترك في المعنى العامّ المتقدّم و هو ولد الغنم.
المعنى الثاني: للفظ الجفر هو: البئر الواسعة التي لم تُبنَ بالحجارة(5) وقيل التي بني بعضها دون بعض (6)
المعنى الثالث له هو: الصبي إذا انتفخ لحمه و صارت له كرش(7)
المعنى الرابع: و الأخير هو الجمل الصغير(8)
هذه المعاني الأربعة للفظ الجفر هي كل ما عثرنا عليه في كتب اللغة العربية ولكن الروايات الواردة عن أئمة اهل البيت (ع) لم تفسّر الجفر بأيّ من المعاني المتقدمة بل فسّرته بالجلد، و نسبته الى الشاة تارة، و الى الثور أخرى، و الى عكاظ ثالثة، فورد في بعض الروايات إن الجفر: (( انما هو جلد شاة ليست بالصغيرة و لا بالكبيرة )) ( بصائر الدرجات، 155، ح 12 ـ بحار الانوار، 26، 46، ح 83) بينما اكدت روايات أخرى أنّ الجفر عبارة عن جلدين هما: (( مسك ماعز ومسك ضأن ينطبق أحدهما بصاحبه )) (بحار الانوار، 26، 45، ح 80 ـ بصائر الدرجات، 254، ح 9) و قد حدثت رواية أخرى الضأن الوارد هنا بأنّه كبش، إذ فسّرت الجفر بأنه (( أهاب ماعز وأهاب كبش )) (معاني الاخبار،
102، ح 4 ـ الخصال، 2، 527 و...) فالكبش لغة هو فحل الضأن في أيّ سن كان، فتكون هذه الرواية مفسرة
لسابقتها. هذا في حين أنّ بعض الروايات فسّرت الجفر بأنه (( جلد ثور )) (اصول الكافي، 1، 241، ح 5 و...) بينما بعضها الآخر أبعدته عن النسبة لحيوان بخصوصه لتنسبه الى سوق عكاظ، ففسّرته بـ (( أديم عكاضي )) (بصائر الدرجات، 16، ح 31 و...)
وبعد التأمل الدقيق في الروايات المفسّرة للجفر توصلنا الى أنّ الائمة تحدثوا عن جفار أربعة: أحدهما كتاب والثلاثة الاخرى أوعية ومخازن لمحتويات ذات قيمة معنوية كبيرة وهذه الجفار الاربعة هي: كتاب الجفر والجفر الأبيض والجفر الاحمر وجلد الثور.
أما كتاب الجفر فهو الكتاب المشهور ذكره على ألسنة الناس وفي كتب الباحثين وتدل على وجوده روايات متعددة مثل ما ورد عن نعيم بن قابوس قال: قال لي أبو الحسن (يعني الامام موسى الكاظم (ع)):
(( علي أكبر ابني، آخر ولدي، و أسمعهم لقولي و أطوعهم لأمري ينظر الكتاب الجفر (هكذا ورد في المصدر، ولعله خطأ من الناسخ و الصحيح: كتاب الجفر )معي، وليس ينظر فيه الاّ نبي أو وصيّ نبي )) (بصائر الدرجات، 158 ـ 159، ح 24 و...)
وما ورد عن سدير الصيرفي عن أبي عبدالله ((ع)) أنه قال:
(( إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، و هو الكتاب المشتمل على علم البلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة )) (بحار الانوار، 51، 219، ح 9).
وأما الجفر الأبيض والجفر الاحمر فيدل على وجودهما عدة من الروايات منها: ما ورد عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: (( إنّ عندي الجفر الابيض، قال: قلت: فأيّ شيء فيه؟ قال (ع): زبور داود، وتوراة موسى، وانجيل عيسى، و صحف ابراهيم، و الحلال والحرام، ومصحف فاطمة ما أزعم أنّ فيه قرآناً، و فيه ما يحتاج الينا و لا نحتاج الى أحد، حتى فيه الجلدة و نصف الجلدة، و ربع الجلدة و أرش الخدش، و عندي الجفر الاحمر، قال: قلت: و أيّ شيء في الجفر الأحمر؟ قال: (ع): السلاح، و ذلك انما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل )) (اصول الكافي، 1، 240، ح 3 و...)
وأمّا المعنى الرابع للجفر هو جلد الثور الذي فسّر بأنه وعاء، وورد عن الامام الصادق ما يؤيد هذا القول، قال الامام الصادق (ع): (( ... و أما قوله في الجفر، فانه جلد ثور مدبوغ كالجراب فيه كتب وعلم وما يحتاج الناس اليه الى يوم القيامة من حلال و حرام، إملاء رسول الله بخط علي (ع) و فيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن، و إنّ عندي لخاتم رسول الله و درعه و سيفه و لواه، و عندي الجفر على رغم أنف من زعم )) (بصائر الدرجات، 160، ح 30) (للمزيد راجع كتاب: حقيقة الجفر عند الشيعة لأكرم بركات العاملي)
الهوامش:
1 - المصباح المنير: ص 103. معجم مقاييس اللغة: ج 1، ص 466. تاج العروس: ج 3، ص 104. لسان العرب: ج 4، ص 142. الإِفصاح: ج 2، ص 783 ـ 784.
2 - المصباح المنير: ص 103. معجم مقاييس اللغة: ج 1، ص 466. تاج العروس: ج 3، ص 104. لسان العرب: ج 4، ص 142. الإِفصاح: ج 2، ص 783 ـ 784.
3 - الصحاح: ج 2، ص 783. لسان العرب: ج 4، ص 142. تاج العروس: ج 3، ص 104.
4 - لسان العرب: ج 4، ص 142. تاج العروس: ج 3، ص 104.
5 - الصحاح: ج 2، ص 615. لسان العرب: ج 4، ص 143. تاج العروس: ج 3، ص 105. معجم مقاييس اللغة: ج 1، ص 466. المصباح المنير: ص 103. النهاية: ج 1، ص 278. أساس البلاغة: ص 61. الافصاح: ج 2، ص 989. أقرب الموارد: ج 4، ص 143.
6 - الافصاح: ج 2، ص 989. تاج العروس: ج 4، ص 143. لسان العرب: ج 4، ص 143.
7 - لسان العرب: ج 4، ص 142. أساس البلاغة: ص 61. تاج العروس: ج 3، ص 104.
8 - لسان العرب: ج 4، ص 142. تاج العروس: ج 3، ص 104.