العصر الحديث
مرحلة البرتغاليين
_____________
كان أول من وصل إلى الهند من أوروبا الرحالة فاسكو دي غاما بعد نجاح بارثولوميو دياز بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح سنة 1488. ومنها بدأ البرتغاليون الدخول إلى منطقة المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي وسيطروا على جميع الموانئ الواقعة على سواحل عمان والمنطقة بالكامل لأكثر من قرنين.
كان لقدوم البرتغاليين تأثير مزدوج الأثر؛ فمن ناحية فتحوا المجال أمام اتصال المنطقة بأوربا ولكنهم فعلوا ذلك بعد حروب كان لها أثر مدمر على المنطقة. وعلى سبيل المثال فإن مدينتي جلفار وخور فكان على الساحل الشرقي لسلطنة عُمان، أصبحتا في أوائل القرن الثامن عشر مدينتين مهجورتين. وقد فقدت جلفار مكانتها، بعد أن كانت ميناء بحريا هاما وأخذت التقاليد التجارية العربية بالانقراض في المنطقة تدريجيا.
وقد سجل التاريخ لقائد البرتغاليين الأول دي غاما ومن بعده ألفونسو دي ألبوكيرك استيلاءهم على الساحل العماني بأكمله فقام باحتلال مسقط وجزيرة هرمز وتدمير مدينة خور فكان وإحراقها في حملته الأولى سنة 1506 وقد مثل بأهلها لبث الرعب وتحقيق السيطرة الكاملة على المنطقة. وبدأ ألفونسو في القرن الخامس عشر إقامة العديد من القلاع على السواحل، إذ كان ضمن استراتيجيته للسيطرة على مداخل المحيط الهندي بناء القلاع والحصون المشرفة على البحر، فقد بنى في مسقط على أنقاض قلاع قديمة قلعتي الجلالي والميراني وكذلك في جزيرة هرمز المطلة على مضيق هرمز وكذلك بنى قلاعا في البحرين وفيلكا وجلفار.
وبقى البرتغاليون في المنطقة قرابة القرنين كاملين تمكنوا خلالهما وباسأليبهم الاستعمارية من تدمير كل أثر للتجارة العربية فيه.
بين مرحلتين
توحد العمانيون بقيادة الإمام ناصر بن مرشد مؤسس دولة اليعاربة (1624-1741) التي شملت عمان التاريخية (أي سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة) وأجزاء كبيرة من شرق أفريقيا وكانت عاصمتها الرستاق. وشن اليعاربة حربا ضد البرتغاليين ليس في عمان فحسب وإنما أيضا في مناطق في الخليج العربي والسواحل الأفريقية. وتمكنوا من مواجهتهم بقوة وأخرجوهم من جميع أراضيهم وهو ما أضعف شوكتهم في جميع أرجاء المحيط الهندي.
وساهم هذا في إخلاء الطريق للبريطانيين والهولنديين الذين تمكنوا من القضاء على الوجود البرتغالي والانفراد في السيطرة على المنطقة في معركة بحرية حاسمة سنة 1625 بالقرب من بندر عباس، لتبدأ مرحلة جديدة استمرت حتى قيام الاتحاد.
[عدل] بروز قوى جديدة
لقد تسبب تحرير عمان من السيطرة البرتغالية وانحلال دولة اليعاربة في حدوث تنقلات جديدة بين القبائل لا في عمان وحدها بل في شرقي شبه الجزيرة العربية كلها إذ ساد الأمان ساحل الخليج العربي بعد فترة طويلة من الصراع في العهد البرتغالي، وخلال فترة تقارب من 70 عاما ما بين انتهاء الاستعمار البرتغالي وقدوم الاستعمار البريطاني. بدأت القبائل هجرتها إلى الساحل، وقد برزت على سواحل الخليج في منطقة ساحل عمان التي تعرف الآن بالإمارات العربية المتحدة قوتان سياسيتان جديدتان مستقلتان، هما:
القوة الأولى بحرية: تتألف من حلف قبائل بني غافر (وهو أحد حلفي القبائل العمانية) يتزعمه القواسم وهم قبيلة عمانية عربية، وقد ورد في كتاب "نهضة الأعيان" للمؤرخ العماني محمد بن عبد الله السالمي أن القواسم قبيلة عمانية عدنانية عريقة، نزحت من سواد العراق ومن بلاد سر من رأى وديار بني صالح. بدأت زعامتهم على إثر انحلال دولة اليعاربة التي حكمت عمان بأكملها. وبدأت دولتهم في ما يسمى اليوم برأس الخيمة والشارقة، ثم انتشرت لتشمل شرق الخليج العربي بساحليه الشمالي (يتبع اليوم لإيران) والجنوبي، إضافة للجزر. وقد صارت للقواسم في القرن السابع عشر الميلادي أضخم قوة بحرية في المنطقة. وامتاز رجالها بالصلابة والشجاعة فأقلقوا بريطانيا في ذلك الوقت أكثر مما أقلقتها أية دولة في الخليج. ولم تكن أعمالهم أعمال قرصنة -كما يدعي الإنجليز - وإنما كانت حربهم حربا دفاعية لإجلاء الإنجليز عن السواحل العربية.
القوة الثانية برية: هي قوة بني ياس وحلفائهم من القبائل ضمن الحلف الهناوي (وهو الحلف الرئيس الثاني للقبائل العمانية). وبنو ياس هم قبيلة عربيةعدنانية يرجع نسبها إلى ياس بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ولها وجود هام على ساحل الخليج العربي، تحالفت بعض القبائل معها وأطلق على هذا الحلف تحالف بني ياس فاختلط الأمر على البعض فظنوا أنها حلف سياسي عسكري ولا تمت هذه القبائل بصلة إلى بعضها البعض. كما يشير بعض خبراء النسب إلى أن أصولها قد تكون قحطانية. إلا أن حججهم ليست بقوة من ينسبهم إلى العدنانيين. وقبيلتا آل بوفلاح التي ينحدر منها آل نهيان حكام إمارة أبوظبي، وآل بوفلاسة والتي ينحدر منها آل مكتوم حكام إمارة دبي زعامة هذا الحلف. وهم، آل بو فلاح ومنهم آل نهيانحكام أبوظبي، وآل بو فلاسه ومنهم آل مكتومحكام دبي، وآل بو مهير، المزاريع، الهوامل، المشاغين وهم فرع من آل بو مهير مستقل، السبايس وهم فرع من آل بو مهير مستقل، المحاربة، القبيسات، الرميثات، الحلالمة، المرر، آل بو حمير، وهم فرع من المناصير، القمزان، السودان، الريالات. ويمتد نفوذ بني ياس على طول الساحل الإماراتي الحالي حتى خور العديد
طبيعة الحياة
في تلك الفترة لم تكن أعداد سكان المنطقة يتعدى 72,000 نسمة، وكانت تعرف المنطقة وحتى الخمسينات من القرن الماضي باسم إمارات ساحل عمان. أما الإنجليز فكانوا يسمونها بساحل القراصنة حتى أبرمت اتفاقية الهدنة عام 1853.
كان الناس يقطنون في قرى صغيرة متناثرة على ساحل رأس الخيمة والشارقة ودبي وأبوظبي، وبنوا حصونا لحماية أنفسهم في مناطق التجمع السكاني الرئيسية. وكان اقتصادهم يعتمد على صيد السمك واللؤلوء. وكان معظمهم بحارين يعتمدون على البحر في معيشتهم. ولكن اكتشاف اللؤلؤ الصناعي والحرب العالمية الأولى أثرا سلبا على اقتصاد المنطقة .
وإلى جانب ذلك، كانت هناك بعض الأنشطة الزراعية في الواحات الداخلية وتعتبر التمور أهم إنتاج فلاحي. إلا أن صعوبة العيش في تلك الفترة وقلة الوسائل جعلت إنتاج البر والبحر غير كاف لهذه المجموعة القليلة من السكان، فكان عليهم استيراد الكثير من حاجياتهم من البصرة في العراق والبحرين وهو ما أعاد النشاط للتجارة البحرية إلى حد ما. أما البادية فكان غذاء أهلها الأساسي من التمور وحليب النوق، ولم يفدهم غذاء البحر لأن شدة الحرارة تفسد السمك حتى قبل وصوله إليهم. والصناعات الأساسية كانت صناعة وصيانة السفن التي برعوا فيهامستفيدين من تقنيات البرتغاليين في تطوير صناعة سفنهم، وتمكن القواسم من صناعة أسطول بحري قوي ساعدهم في السيطرة البحرية على المنطقة
مرحلة البريطانين
________
بعد خروج البرتغاليين، نجحت بريطانيا -رغم منافسة كل من فرنسا وهولندا لها- من السيطرة على المنطقة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع العشر وأنشأت شركة الهند الشرقية ككيان إطاره تجاري وأهدافه اقتصادية سياسية. وقد سيطر على الهند وجميع الدول في ذلك الجزء من العالم بما فيها منطقة الخليج العربي واعتبرت جميع الأراضي التابعة له جزءا من الإمبراطورية البريطانية العظمى.
بينما أخذت قوة القواسم البحرية تبرز بأسطول بحري يضم أكثر من 60 سفينة ضخمة وتحت نفوذهم حوالي عشرين ألف بحار وبدأت تشكل تحدياً خطيراً للبريطانيين.
وقد كانت المواجهة بين الجانبين حتمية ؛ فالقواسم يعتبرون الإنجليز دخلاء ومنافسين لسيطرتهم البحرية ومناطق نفوذهم ولا سيما وأن تحالفا عمانيا بريطانيا نشأ في مواجهة القواسم كما أن للبريطانيين أطماع في السيطرة على طرق التجارة البحرية والحفاظ على مصالحهم في الهند وجنوب شرق آسيا.
وخلال العقدين الأولين من القرن التاسع عشر جرت سلسلة من المعارك البحرية أسفرت في نهاية الأمر وبعد ثلاث حملات شنتها بريطانيا على المنطقة وخصوصا ضد القواسم في رأس الخيمة وجميع مناطق نفوذهم. فشلت الحملتين الأوليين منها ونجحت الثالثة بتدمير أسطول القواسم بصورة شبه كاملة. لقد كان القواسم يدافعون عن مناطق نفوذهم التجاري ولكن بريطانيا اعتبرت ما يقومون به أعمال قرصنة بحرية.
التاريخ المعاصر
بعيد منتصف القرن الثامن عشر بدأت تتكون الإمارات المختلفة في أرض الإمارات تدريجيا وأخذت بالتطور التدريجي، ولعدم وجود ترسيم واضح للحدود بينها وقعت بعض النزاعات على مناطق النفوذ التي انتهت بالصلح بين مختلف شيوخ الإمارات تحت الحماية البريطانية.
ففي عام 1853 تم توقيع المرحلة الأولى من اتفاقية شاملة مع البريطانيين لإعادة السلام البحري والتخلص من النزاعات القبلية مقابل اتفاق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لمختلف الإمارات. وقد تمت مراجعة شروط هذه الهدنة على مدى الثلاثين سنة التالية ، الأمر الذي أدى إلى توافق نسبي بين زعماء القبائل الذين كانوا يتطلعون إلى إقامة الإمارات المتصالحة. وفي سنة 1892، تم تعديل الهدنة الأبدية وأصبحت الإمارات المتصالحة خاضعة لحماية الحكومة البريطانية التي أصبحت هي الأخرى مسؤولة عن الشؤون الخارجية والدفاع ولكن مع احترام سيادة مشايخ الإمارات المتصالحة أو إمارات الساحل المتصالح هذا وقد استمر الوجود البريطاني في الإمارات قرابة المئة والخمسين عاما لينتهي عام 1971، ضمن حدود إماراتهم الجغرافية.
تحالفات القبائل
في هذه الفترة، تشكلت أحلاف قبلية في اقليم عمان، برزت إثرها نواة للإمارات المختلفة ولكن ليس دون تحالفات ونزاعات بينها على مناطق النفوذ. وفي القرن التاسع عشر، تشكل حلفان من القبائل العمانية:
قبائل حلف الهناوي: نسبة إلى قبيلة بني هناه وهي من القبائل اليمنية وشملت حلف قبائل بني ياس، الحبوس، الشرقيون، الشحوح، الظواهر، العوامر، البداه. وفي عام 1906م ضم الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان (زايد الأول) زعيم حزب الهناوي قبيلة البلوش إلى الحلف الهناوي إثر النزاع بينهم وبين قبيلة بني قتب. وقد تزعم آل بو فلاح القبائل الهناوية في الإمارات خلال فترة النزاع بمنطقة الإمارات.
قبائل حلف الغافري: نسبة لقبيلة بني غافر وهي من القبائل العدنانية، ومنهم القواسم، النعيم (آل بوخريبان)، آل بوشامس، آل علي، الخواطر (النعيم)،طنيج، بني ساعدة، الغفلة، بني شميلي, بني قتب، النقبيون، الجنبه، بني كعب. وقد تزعم القواسم القبائل الغافرية خلال فترة النزاع بمنطقة الإمارات. وقد تحالفوا مع إمارة الدرعية واعتنقوا المذهب الوهابي
مجلس حكام الامارات المتصالحة
حتى منتصف الخمسينات من القرن العشرين لم يول البريطانيون أي اهتمام حقيقي بالنسبة للتنمية الاقتصادية للبلاد بالرغم من إنشائهم لمكتب تطوير. في حين كان الحكام أنفسهم يعملون على إرساء بدايات البنية الأساسية الحديثة. ولتحقيق تنسيق أفضل وتعاون أكثر فاعلية فيما بينهم أسسوا عام 1967 مجلس حكام الإمارات المتصالحة ومركزه دبي وأتبعوا له مكتب التطوير. ترأس المجلس الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة لدورتين، وترأسه الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة لدورة واحدة. وقد عين عدي البيطار أمينا عاما للمجلس ومستشارا قانونيا له بالإضافة إلى عمله في حكومة دبي كمستشار قانوني للحاكم.
الطريق للاستقلال والاتحاد
في سنة 1968، أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من جميع محمياتها ومستعمراتها شرق المتوسط في نهاية سنة 1971. وهو ما كان يمكن أن يسبب خللا سياسيا واستراتيجيا في المنطقة لو لم يستعد أبناؤها لاستلام زمام الأمور وبالصورة الصحيحة، وبدأت تتبلور فكرة الاتحاد في اجتماع عقد بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في قرية السميح الحدودية في 18 فبراير1968 واتفقا على أن أفضل السبل أن يقوم اتحاد بينهما وأن يدعوا الإمارات الخليجية إلى هذا الاتحاد ، وهو ما تم بالفعل ، وقد وجهت الدعوة بالإضافة إلى الإمارات السبع إلى كل من إمارتي قطر والبحرين. وتمت الدعوة لاجتماع في دبي لبحث مسألة إنشاء اتحاد بينهم. وانعقد الاجتماع ووافق الجميع على أن تشكل لجنة لدراسة الدستور المقترح.
لكن ما لبثت أن فشلت هذه المحاولة، وأعلنت كل من قطر والبحرين عن استقلالهما معلنتين عن سيادة كل منهما على أراضيها . وبالفعل نالت كل دولة منهما الاعترافات العربية والدولية. لكن مشكلة الإمارات مازالت قائمة. وقد حاول قطبا الاتحاد الشيخ زايد والشيخ راشد مرة أخرى ضم الإمارات السبع إلى بعضها. غير أن تلك المحاولة كان مصيرها الفشل أيضا.
فحاولا من جديد، إذ اجتمع الشيخ زايد والشيخ راشد وقررا أن يشكلا اتحادا بينهما وكلفا عدي البيطار المستشار القانوني لحكومة دبي بكتابة الدستور. وعند إتمامه تتم دعوة حكام الإمارات الباقية للاجتماع، وفي هذا الاجتماع يقررون الانضمام إليه إذا شاؤوا. أما هما فقد اتخذا قرارا بالاتحاد بين دبي وأبوظبي ولم يبق إلا التنفيذ.
عقد السبعينات
أقر دستور الإمارات الاتحادي بشكل المبدئي مساء يوم 1 ديسمبر عام 1971. وفي صباح اليوم التالي بتاريخ 2 ديسمبر 1971 اجتمع حكام سبع إمارات في قصر الضيافة في دبي . ووافق أربعة من حكام الإمارات مشاركة إمارتي أبوظبي ودبي في هذا الاتحاد في حين لم يوافق حاكم رأس الخيمة في حينها. ووقع حكام أبوظبي ودبي والشارقة والفجيرة وأم القيوين وعجمان على الدستور مانحين الشرعية لقيام الاتحاد بينهم والاستقلال عن بريطانيا.
خرج أحمد خليفة السويدي - مستشار الشيخ زايد ، وقد عين وزيرا للخارجية في أول تشكيل وزاري للدولة - ليعلن أمام رجال الإعلام عن قيام الاتحاد. ورفع علم الدولة في قصر الضيافة بدبي الذي يعرف اليوم باسم "بيت الاتحاد" .
أزمة البريمي
تقع البريمي في قلب عمان التاريخية (التي تضم سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة)، وعندما طلبت الإمارات العربية المتحدة من المملكة العربية السعودية تأييدها عند نشوء اتحادها برزت المشكلة الحدودية القديمة والتي تعود جذورها إلى بدايات القرن التاسع عشر.
إذ أنه وبعد انتهاء دولة اليعاربة تشكلت تحالفات جديدة في المنطقة بين القواسم وإمارة الدرعية ضد سلطان عمان الذي تحالف معه البريطانيون وقد استطاع القواسم بهذا الدعم من الدرعية من السيطرة على الساحل والجبال معا. بينما سيطر بنو ياس على كامل المنطقة البرية من السلع إلى خور العديد ووصل نفوذهم إلى الواحات الداخلية. واستمر هذا حتى انفصل مكتوم بن بطي آل مكتوم شيخ آل بوفلاسة عام 1833 عن بني ياس واستقل بدبي .
بينما بقي الشيخ زايد آل نهيان شيخ آل بوفلاح في أبوظبي. وكانت القبائل حليفة بني ياس ومنها بنو كعب وعشائر وقبائل أخرى في منطقة محضة بالقرب من البريمي. وكان عدد من هذه القبائل يدفع الزكاة لأمير الأحساء على اعتبار ولائهم للمملكة العربية السعودية.
لم يحدد التقسيم القبلي مناطق النفوذ والحدود بصورة واضحة وجلية، وبرز هذا بقوة عند ظهور النفط.
وكان الملك عبد العزيز بن سعود قد منح شركة ستاندرد النفطية الأمريكية امتياز البحث عن النفط في جميع أراضي المملكة. ثم أرسل السعوديون سنة 1952 أميراً من قبلهم إلى واحة البريمي التي تضم مدينة العين الحالية. وقد أصر البريطانيون على إثر ذلك على أن هذه الأرض لا تتبع المملكة العربية السعودية وإنما تتبع مسقط وأبوظبي بناء على الاتفاقات العثمانية البريطانية فيما يسمى بالخطوط الزرقاء. وعرضت القضية على القضاء الدولي الذي فشل في حلها.
ولم ترض السعودية بذلك وتصاعد الخلاف حتى وصل في الخمسينات من القرن العشرين إلى صدام مسلح تطور إلى ما عرف بحرب البريمي. حيث قاد الحركة عبيد بن جمعة آل مزاحم شيخ بني كعب في محضة وتبعته عدة قبائل. إلا أن حداثة أسلحة الإنجليز مكنتهم من السيطرة على المنطقة وذلك في أكتوبر سنة 1955 م.
وقسم البريطانيون واحة البريمي بين عمان وأبوظبي، وعين ابن نهيان أخاه أميراً عليها. واضطر صقر بن سلطان شيخ النعيم إلى اللجوء إلى الدمام في السعودية،[كما اضطر الشيخ عبيد إلى الانسحاب جوا إلى الشارقة ثم بحرا من دبي إلى الخبر.
تم حل هذه المشكلة الحدودية بعودة منطقة البريمي إلى عمان التاريخية (الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان) فيما بعد بالاتفاق على تبعية البريمي لسلطنة عمان، والعين لأبوظبي وتم منح السعودية الأراضي المتاخمة للحدود القطرية من أراضي الإمارات وعلى ساحل يطل على الخليج العربي طوله يقارب 150 كم.
نشوء الدولة
صانعا الاتحاد يحضران الجلسة الأولى للمجلس الوطني الاتحادي
ترأس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبوظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي نائبا لرئيس الدولة وشكل المجلس الأعلى للاتحاد من الرئيس ونائبه وباقي حكام الإمارات الموقعة على الدستور. وشكل مجلس وزراء الإمارات برئاسة الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم. وبدأت الدول بالاعتراف بها.
ولكن كان لا بد من بعض الإجراءات التي تتخذها الدولة لتثبيت وجودها دوليا. وفي هذا الإطار، انضمت الإمارات إلى جامعة الدول العربية في 6 ديسمبر1971، ثم انضمت إلى الأمم المتحدة في 9 ديسمبر1971 لتصبح العضو رقم 132. كما قامت بإنشاء المجلس الاستشاري الاتحادي في يوليو 1971 ليعقد أولى جلساته في 13 ديسمبر1972. ولكن في العام 1975 تمت إعادة إنشائه تحت مسمى المجلس الوطني الاتحادي.
أرسلت رأس الخيمة خطابا للمجلس الأعلى للاتحاد طالبة الالتحاق بالدولة في 23 ديسمبر1971. فانضمت فعليا إلى الاتحاد في 10 فبراير1972 وانضم حاكمها إلى المجلس الأعلى للاتحاد.
وبدأت الإمارات بإرسال واستقبال السفراء والبعثات الدبلوماسية مع باقي دول العالم تحقيقا للتمثيل الدبلوماسي وإنشاء العلاقات المباشرة مع الدول الأخرى.
وفي 24 يناير1972 قام الشيخ صقر بن سلطان القاسمي، حاكم سابق لإمارة الشارقة، بمحاولة انقلابية، قُتل خلالها الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، فأمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالتصدي لهذه المحاولة. وقاد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزير الدفاع آنذاك قوة حاصرت الانقلابيين في الشارقة واضطرتهم لتسليم أنفسهم وتقديمهم للمحاكمة.
وعلى إثرها تم تعيين الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكما لإمارة الشارقة وأصبح بالتالي عضوا في المجلس الأعلى للاتحاد.
بعد وفاة الشيخ محمد بن أحمد الشرقي استلم الحكم في إمارة الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي في 18 سبتمبر1974 وأصبح عضوا في المجلس الأعلى للاتحاد.
وفي نهايات العقد اكتملت مشروعات ضخمة في دبي، إذ أنجز ميناء جبل علي ومصنع الألومنيومدوبال الذي بدأ باكورة إنتاجه في 31 أكتوبر1979 بالاقتراض الدولي. وربما كان سيشكل هذا عبئا ضاغطا على الاقتصاد لأن توقعات الاقتصاديين تنبأت آنذاك بفشل هذا المشروع واعتبروه مغامرة . ولكن مجريات الأمور أثبتت غير ما توقعوه.
أزمة الجزر
أشرنا أعلاه إلى أن البريطانيين قبل أنسحابهم منحوا إيران ثلاث جزر تابعة في الأصل إلى الإمارات منها جزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى التابعتان لإمارة رأس الخيمة وجزيرة أبو موسى التابعة لإمارة الشارقة. وقبيل الاتحاد بأيام قليلة استولت إيران على هذه الجزر. إلا أن الإمارات وبالرغم عن عدم تنازلها عن هذه الجزر فضلت التوجه لحل هذه الأزمة سلميا، حتى تبقي على علاقات حسن الجوار مع إيران. وقد لقيت الإمارات دعما متواصلا من جميع الدول العربية عدا تحفظ العراق في آخر اجتماع للبرلمانيين العرب.
أهم الأحداث الدولية المصاحبة
حرب أكتوبر 1973: دعا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى إيقاف ضخ النفط إلى دول العالم فاستجابت له جميع الدول العربية. واشتهرت عنه مقولته: النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي. وكانت هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها النفط العربي كسلاح ضاغط في السياسة الدولية.
الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990): شاركت دولة الإمارات بقوة عسكرية من جيشها ضمن قوات الردع العربية التي أرسلت إلى لبنان خلال الحرب الأهلية للمشاركة في محاولة ضبط الأمن هناك.