مدينة شفشاون
تتسم مدينة شفشاون بالسمات الجبلية، ذات التضاريس الصعبة والانحدارات المفاجئة والأودية المنخفضة والانكسارات الحادة.
وقد عرفت تواجد الإنسان منذ العصور القديمة. كما عرفت وصول الفاتحين العرب كموسى ابن نصير الذي بنى مسجدا له بقبيلة بني حسان شمال غربي شفشاون، وكذا طارق ابن زياد الذي لا يزال مسجدا يحمل اسمه بقرية الشرفات.(قيادة باب تازة)
وهكذا، فمنذ الفتح الإسلامي للمغرب، أصبحت هذه المنطقة مركزا لتجمع الجيوش العربية. وفي عهد الأدارسة (القرن التاسع)، أصبحت المنطقة تحت حكم عمر ابن إدريس الثاني الذي جعل من تيكساس عاصمة لإمارته. وهكذا عرفت المنطقة وقوع حروب ونزاعات مختلفة حتى تأسيس مدينة شفشاون في 876هـ/1471م على يد مولاي علي بن راشد، لإيقاف الزحف البرتغالي على المنطقة.
تحتضن المدينة العتيقة لشفشاون مجموعة مهمة من المباني التاريخية التي تعكس إلى حد كبير الطابع التاريخي والحضاري الذي تكتسيه المدينة.
إذا أردت الهروب من صخب المدن الكبيرة المثير للقلق والارهاق، لتتمتع بعطلة هادئة بين أحضان مدينة أليفة، فما عليك إلا أن تتوجه في اي فصل شئت، الى مدينة صغيرة تقع على ارتفاع 660 مترا عن سطح البحر، وتحتل سفح جبلي «تيسوكا» والقلعة، في قلب سلسلة جبال الريف المطلة على البحر الابيض المتوسط، هي مدينة شفشاون المغربية. تشعر وأنت تصل الى المدينة بألفة وتصالح مع المكان، حتى وان لم تكن قد زرت المدينة من قبل، وهذا الانطباع الاول يجعلك تنسجم بسهولة مع فضاءات المدينة واهلها الودودين والمسالمين.
فشفشاون ترحب بالسائح الباحث عن الهدوء والسكينة والعزلة، فلا تتوقع ان تجد مدينة للملاهي الصاخبة والفنادق الفخمة ومتاجر الماركات العالمية.
«وطا الحمام» ساحة تقع وسط المدينة العتيقة، ذات الطراز المعماري الاندلسي، يقصدها السائحون في جل الاوقات، لأنها تمثل قلب المدينة النابض، حيث تنتشر المقاهي التقليدية المظللة بالأشجار، تقدم لزبنائها كؤوس الشاي بالنعناع. يزور المدينة سنويا اكثر من 60 الف سائح، وتتوفر على اربعة فنادق مصنفة اشهرها فندق «بلادور» قرب ساحة «وطا الحمام» وفندق «اسماء» الذي يطل على المدينة من اعلى الجبل، كما يوجد بها 27 فندقا صغيرا غير مصنف.
ويمثل الاسبان أعلى نسبة من السياح الأجانب الذين يزورون المدينة يليهم البرتغاليون ثم الفرنسيون واليابانيون. ويزور الاسبان المدينة بكثرة خلال فصل الصيف، وأيضا خلال عطلة نهاية العام.
لا يمكنك أن تغادر المدينة دون ان ينصحك سكانها بتذوق بعض الاطباق التقليدية، مثل طبق الفول المعروف بـ«البيصارة» الذي يعد بطريقة خاصة بأهل شفشاون. بالاضافة الى انواع مختلفة من «الطاجين» المغربي الشهير .
واذا كنت من هواة التسوق، لاقتناء الهدايا البسيطة، او الاحتفاظ ببعض التذكارات، فخلال تجولك بأحياء المدينة القديمة، ستجد عددا من البازارات التي يبيع أصحابها المنتجات التقليدية التي اشتهرت بها المدينة، مثل المنسوجات الصوفية الملونة بألوان قزحية جميلة، والصناعات الجلدية والخشبية، بأمان زهيدة.
ويعتبر «راس الماء» من اجمل الاماكن الطبيعية التي تستحق الزيارة حيث تتدفق شلالات المياه المعدنية الباردة.
وانت تتجول في المدينة لا بد وأن تلتقي ببعض الوجوه السينمائية أو الاعلامية المغربية أو الاجنبية المعروفة، والتي تلجأ الى حضن هذه المدينة التي تأسر زوارها ببساطتها البعيدة عن البهرجة الزائفة.
وينظم بمدينة شفشاون صيف كل عام مهرجانان هما: مهرجان «الاندلسيات» ومهرجان «المديح والسماع»، وانضاف اليهما مهرجان جديد هذا العام، هو مهرجان «أنغام وأنوار» لإنعاش السياحة الجبلية بهذه المنطقة التي ظلت تعاني كثيرا من الاهمال حيث لم تستغل امكاناتها الطبيعية لترويج المنتوج السياحي المغربي.
ومناخ شفشارن جبلي جاف، حار في الصيف وبارد في الشتاء ومعتدل في الربيع والخريف، مع تساقطات مهمة للامطار في فصل الشتاء وتغطي الثلوج القمم والمرتفعات.
واذا كنت ترغب في معرفة تاريخ المدينة فإنها انشأت عام 1471 ميلادية من قبل مؤسسها مولاي علي بن راشد العلمي، لتكون قلعة للمجاهدين الذين وجدوا موقعها الاستراتيجي مكانا حصينا تتجمع فيه قوافلهم التي كانت تنطلق منها الى الثغور المغربية الشمالية لمقاومة الاحتلال الاجنبي للمغرب، وهكذا فقد اختير موقع المدينة لتكون مركزا لتخطيط العمليات الحربية للدفاع والهجوم، في مأمن من غارات المعتدين، وبذلك اصبحت شفشاون بعد تأسيسها دار امارة ومركز قيادة وملتقى تجمع المجاهدين ومقر سكن أسرهم.