إن الزهرة هي الوحيدة بين معطيات الطبيعة التي متعت النظر بكل الألوان التي تخطر على البال
فالسوسنة الزرقاء قادرة على أن تجمع في وريقاتها البحر بأكمله و قادرة أيضا على تفجير ذكريات الماضي المختزنة في أغوار النفس .........
شقيقة النعمان الحمراء تستطيع أن تباهي بالجمال اشد الخدود تورداً.........
أما لون الياسمين الأبيض رمز العفة و البراءة ......
أما الأسود, الذي قل أن يعكس الأمواج الضوئية فإذا لبسه الورد يوماً صار نبيلاً و كأنه سيد الألوان.......
وحدها الزهرة قدمت للعين كل الألوان التي تدور بخاطر الطبيعة.....و استطاعت أن تعطي الألوان حصصاً متساوية من الجمال و الإبداع.....
و عندما تمزق الزهرة عنها جلباب الحياء و ترقص عارية تحت شمس الحقيقة باعثة الرائحة العطرة أسلوبها في التأثير و طبيعتها في السيطرة و الاستحواذ على مشاعر الآخرين... توقظ احاسيس الجمال هنا بالفعل تصبح أميرة الجاذبية و مليكة حفظ البقاء فهي أعظم هبات الله ......
الزهرة لغة و كلام تكتب بمداد القلب و ريشة أهداب العيون تنبذ الأحقاد و الضغائن و ترفض القساوة و الظلم ....
لها مظهر التيه و الدلال و الغنج و الرشاقة و الليونة......
توحي بالمحبة و الأناقة و إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة و السيرة الحسنة
تنطق بالغزل و تعلمه فلها أبجديتها الخاصة التي تكشف حضارة مهديها و رفاهة الحس التي تسمح لنا بان نفهم لغة الزهر الراقية هذه اللغة الرمزية التي تنثر على القلب و الحب إجلالا و أناقة
تزين الصدور و تعمر القلوب و تعلو الهامات لتزيد من فعاليات الرقي و السمو و الانسجام... و متعة الهوى و الهيام... و انس المحبة و الوئام و العشق و الغرام...
تردد الزهور معزوفة الحياة ... يتهادى لحنها بين قلبين و يتوزع نغمها بين ناظرين فتشع بكل ما هو جميل...
إن حكاية هذه الزهرة هي أطول حكايات الإنسان و أبقاها إذ وحدها استطاعت أن تتسلل من المهد إلى اللحد
هذه المخلوقة الضعيفة هي التي حضرت ولادة الإنسان الجبار و كانت أول من استقبله عندما فتح عينيه على الدنيا........
و هي التي لعبت معه أيام طفولته في البساتين و الحقول و البراري......
و هي التي رافقته طوال حياته ....و لم تتركه إلا بعد أن تهاوت على قبره.....
بلى ... هي رفيقة عمر الإنسان من المهد إلى اللحد....