رضا أم تذمر؟
قد يكون للمرة الأولى أن ينال القطاع الخاص درجة أعلى من الرضا الوظيفي مقارنة بالقطاع الحكومي في المجال نفسه، فغالباً ما يكون الاستقرار والمزايا والرواتب والحوافز في القطاع الحكومي أكبر، والأهم أن الاستقرار الوظيفي فيه أكبر، وهو ما يجعل القطاع الحكومي مقصداً للراغبين في العمل، على عكس القطاع الخاص الذي يحاسب الموظف على الوقت بشكل أدق من القطاع الحكومي كما أن مميزاته وحوافزه أقل وأن موظفيه لا يحظون بالإجازات نفسها، وهم مطالبون بساعات عمل أطول، ولكن نتيجة استبيان مجلس أبوظبي للتعليم حول الرضا الوظيفي للمعلمين في مدارس إمارة أبوظبي دحضت تلك الافتراضية، وعززت من قوة القطاع الخاص وأنه بات بيئة جاذبة ومريحة للعمل أكثر من القطاع الحكومي، إذ بلغت نسبة الرضا في المدارس الحكومية 77,7%، وفي المدارس الخاصة 78,9%.
وشارك في الاستبيان الذي طرحه المجلس عبر موقعه الإلكتروني خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، اثنان وعشرون وخمسة آلاف معلم ومعلمة، وتضمن الاستبيان اثني عشر محوراً، تمس حياة المعلم داخل الصف الدراسي أو ضمن المحيط المدرسي.
وكما هو حال الإناث باعتبارهن دائمات التذمر والشكوى كن الأقل رضا من الذكور، بالنسبة لأوضاعهن، كما أن الحاصلين على شهادات أكاديمية أعلى هم أقل رضا من الحاصلين على شهادات أكاديمية أقل، وأنه كلما زاد عمر المعلم فإنه يعطي درجات أكثر من حيث الرضا الوظيفي من الآخرين، وأن المعلمين الذين يقومون بالتدريس في مراحل الروضة أو الحلقة الأولى هم أكثر رضا من معلمي الحلقات الأخرى.
وأظهرت النتائج أن أكثر المعلمين رضا هم معلمو مواد الرياضيات والكيمياء، ثم اللغة العربية والفيزياء، ثم اللغة الإنجليزية والعلوم والدراسات الإسلامية، في حين أن معلمي مواد تكنولوجيا المعلومات هم الأقل رضا في أبوظبي.
وما أود أن أقوله إن ما حصل عليه المجلس من بيانات ومعلومات يجب أن يوجّه بوصلته التربية والتعليم بالعاصمة، وأن تكون هذه النتائج والدلالات والبيانات مرتكزاً أساسياً للبرامج والخطط المستقبلية التي يجب أن يصحح بها بعض الممارسات والأخطاء التي يشكو منها المعلمون، الذين يجب توفير ببيئة مثالية ونموذجية لهم لأنهم مصنع الأجيال وبناة المستقبل، ومتى توافرت للمعلم الظروف المثلى كان نتاجه وعطاؤه أفضل، وبالتالي ينعكس ذلك على تربية وتعليم الأجيال.
كما ذكرت القطاع التربوي في غاية الأهمية وعلى مجلس أبوظبي للتعليم أن يدرس ويستفيد من الأرقام النتائج جيداً لعلاج الخلل والمشاكل والسلبيات التي يعاني منها التربويون سريعاً وأن يبث في نفوسهم الطمأنينة والاستقرار وأن يهيئ لهم الأجواء المثالية كي يحسنوا تخريج وتأهيل أجيال الغد بشكل يوازي طموحات العاصمة وآمالها المعقودة على أبناء الغد.