ابتسم ينخفض ضغطك
في الحديث النبوي، الابتسامة في وجه أخيك صدقة.. لأنها الإشراقة التي تؤثث مشاعر الآخرين بالغبطة، وتزهر قلوبهم بالفرح والسرور.. ودراسة يابانية تكشف أن الضحك يخفض من ضغط الدم لأنه يحفظ من معدل الكورتيزون في الجسم.. فالذين يقضبون الحواجب ويقرفصون الجباه ويلوون الأفواه ويحدقون في وجوه الآخرين بعيون ملؤها الأسى والفجيعة إنما يجرون الأحزان إلى غيرهم ويشيعون حالة من الاحتقان في أوردتهم الدموية ويحاصرون قلوبهم بضغوط تجعل من هذه المضغة كأنها الجلود المتعجرفة.. فالغضب عند بعض الناس حالة دائمة، وتقضيب الوجوه ملازمة لا تنتهي إلا بانتهاء قدرة الشرايين على ضخ الدم بشكل اعتيادي ما يرفع من ضغط الدم ويزرع أمراضاً وأعراضاً وعللاً لا نهاية لها.. فالابتسامة طريق للنجاة من نار هذا المرض الفتاك وهي وسيلة ناجعة لفك الارتباط ما بين الجسم وبعض الأمراض المميتة لأن الذين يبتسمون يشرحون صدورهم ويفسحون المجال للجسم لأن يتنفس الصعداء من ضغوطات حياتية تتفاقم يوماً بعد يوم.. فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الإنسان يواجه يومياً مصاعب وعواقب، لكن هذا لا يعني أن ينهزم الإنسان ليقع فريسة التشاؤم، ثم الانحطاط النفسي والذوبان في حومة الأفكار السوداوية، ومن أشد المشاعر إساءة إلى صحة الإنسان هي مشاعر النكوص إلى الماضي والخنوع لذكرياته الأليمة، كما أن من أتعس الناس هم الذين ينظرون إلى المستقبل وكأن المجهول المعتم والمرعب ما يجعلهم في حالة ترقب دائمة يخشون هذا الآتي من البعيد يرتعدون منه ويتجاهلون قيمة اللحظة بل ويفرطون في الاستفادة من متعتها.. اللحظة الراهنة، الحاضر يستحق منا أن نستقبله بقلوب مطمئنة آمنة مستقرة لنسعد كثيراً ونعيش حياتنا دون منغصات الماضي ورعشات المستقبل، فيجب أن يكون لدى الإنسان مشاعر تحترم لحظات الماضي دون التوقف عندها كثيراً، وكذلك من حق الإنسان أن ينظر إلى المستقبل كهدف سامٍ دون التربص بتفاصيله الغامضة، ومن حقنا أن نوازن بين مراحل العمر الثلاث، الماضي والمستقبل وما بينهما الحاضر الذي هو، نحن الآن، نحن الذين نعيش هذا الزمن الجميل بين الأحباب والأصدقاء وفي أحضان الأهل.. نحن نحتاج إلى هذه القدرة الذهنية والنفسية التي تحررنا من مجاهيل التذكر وغياهب التفكر وممارسة الحياة كما هي، لا كما تصنعها لنا الأوهام والخيالات الجموح.. نحن بحاجة إلى خيال آتٍ، نفتش عن مناطق الجمال والفرح في الحياة بعيداً عن عقد الذنب وحالات الإحساس بالضعف أمام مثيرات الحياة الجمة.. نحن بحاجة إلى عالمنا الحاضر لأنه الواقع الذي يحيطنا ويطوقنا بقلادات الفرح والمباهج الرائعة.. فالفرح خير وسيلة للقضاء على كثير من الأمراض السيكوسوماتية، لأنه الوردة التي تلوّن حياتنا بالابتسامة المشرقة وتجمعنا والآخرين على مائدة المشاعر الدفينة.