في شوارع سوق الصاغة، وزقاقها العتيقة الضيقة والمكتظة بالزوار على مدار اليوم، اختار محمد سعيد أن يضع بصمة أخرى في هذا المكان الأثير على الكثيرين، لتشد المارة والسياح وتستوقفهم، فكان أول محل في عمان لبيع قصب السكر.
"عالم قصب السكر"، هذا المحل الذي يقع في شارع الرضى، والذي لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار، لا ينقطع عنه عاشقو هذا المشروب الصحي، الذين يصطفون طوابير لشرب كأس منه؛ علها تشفي بعض آلامهم، أو تنعش مشوارهم، ليواصلوا مسيرهم إلى حيث الوجهة التي يقصدونها في وسط البلد.
ولم يتوقع سعيد، أن يحظى محله الذي أشرف على نهاية عامه الأول، وخلال هذه الفترة الوجيزة، بهذا الصدى والإقبال من قبل الناس.
الشهرة التي اكتسبها المحل في أقل من عام، حمّلت سعيد مزيداً من المسؤولية، لتلبية احتياجات تم الحذفائنه وإرضاء فضولهم، في معرفة طبيعة هذا المشروب وأهميته.
ولترجمة ذلك على أرض الواقع، خط سعيد وعلى لوحة صغيرة احتلت واجهة المحل، فوائد قصب السكر باللغة العربية، إلى جانب لوحة أخرى بالإنجليزية، لتقدم المعلومات ذاتها للسياح الأجانب.
هاتان اللوحتان، تستوقفان عاشقي المشروب، فمنهم من يقرأها قبل أن يرتشف الرشفة الأولى من قصب السكر، ومنهم من ينتظر إلى حين الانتهاء من احتسائه، ليطلع على المزيد من أهميته وتأثيره على الصحة وعلاجه لبعض الأمراض.
عصير قصب السكر، الذي يقدم بعد عصره مباشرة في آلة متوسطة الحجم، احتلت ركناً من المحل، توشحت بالفوائد التي كتبها سعيد عنه في اللوحة المخصصة، بتوقيعات لأطباء أجانب وعرب، وعبارات مقتضبة لهم، تؤكد أهمية قصب السكر، وتثني على مبادرة سعيد، بافتتاح محل يقدم مشروباً صحياً، وتؤازره لمواصلة هذا المشروع والاستمرار فيه لخدمة الناس.
وما دفع سعيد لافتتاح محل يبتاع منه الناس قصب السكر، كان عدم توافر محلات تختص ببيع عصير طبيعي، لا يحتوي على صبغات اصطناعية.
ويستقطب المحل الناس من مختلف الأعمار، وفق سعيد، وترتاده الكثير من الشخصيات، من أطباء وفنانين، والسياح من دول عربية، لافتاً إلى أن ذلك إلى جانب الفوائد الصحية، "ساهم في شهرة المحل وكان السر في نجاحه".
مادة قصب السكر التي يجلبها سعيد من مزارع الأغوار، تحتل الجزء الأكبر من المحل، ويخشى سعيد من عدم توفر هذا "المحصول مستقبلاً؛ لعدم اهتمام المزارعين بزراعته"، مشيراً إلى أن مصر والمغرب، من أهم الدول العربية المصدّرة له.
ولا يؤثر انتشار المحلات التي تبيع المشروبات في وسط البلد، على الإقبال على المحل، إذ يشير سعيد إلى أن قصب السكر مشروب شعبي ويحبذه الكثيرون.
ويسعى سعيد حالياً، الذي يعتمد سعراً زهيداً لبيع قصب السكر؛ لتتمكن جميع طبقات المجتمع من شرائه، إلى نشر هذا المشروب في مختلف مناطق عمان من خلال افتتاح محلات متخصصة على غرار محل وسط البلد.
من جانبها تؤكد اختصاصية التغذية ربى العباسي، أن فائدة عصير قصب السكر تكمن في شربه مباشرة بعد عصره؛ إذ يمنح طاقة سريعة لخلايا الجسم والأعصاب؛ لاحتوائه على السكريات البسيطة مثل السكروز والفركتوز.
ولكونه يحتوي كذلك على الكالسيوم والبوتاسيوم؛ فهو يوفر الحماية للقلب والشرايين، ويساعد على الحماية من تصلب الشرايين، كما يحتوي قصب السكر على نسبة من الحديد.
وتتوفر في قصب السكر، وفق العباسي، الألياف التي تساعد في علاج الإمساك، كما ويحمي من سرطان القولون؛ كونه مدراً للبول، وينقي الجسم من السموم، ويوفر الحماية للجهاز الكلوي.
وتنصح العباسي بشرب عصير قصب السكر؛ لأنه يحسن المزاج ويريح النفسية؛ كونه غني بمادة "السيروتونين" المهدئة.