" إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين"
المال مال الله فهو سبحانه المالك الحقيقي للكون وما فيه والإنسان مستخلف في هذا المال وملكيته عارية مستردة، لذا يجب على الإنسان أن يكسب المال من طريق شرعي وينفقه فيما يحبه الله تعالى ويرضاه فإنفاق المال في أعمال الخير كإكرام الضيف ومكافأة المجتهد والصدقة على الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وفي سبيل الله وعلى طلبة العلم والمساجد والمرافق العامة مما فيه نفع للناس وغيرها من وجوه الخير والبر، لا يعتبر ذلك تبذيرا ولو انفق في ذلك معظم ماله.
أما إذا أنفقه في غير وجهه الحقيقي الذي أمر الله تعالى به فان ذلك يعتبر تبذيرا، فمن انفق درهما في حرام فهو مبذر ويحجر عليه ويمنع من التصرف في إنفاقه للدرهم في الحرام ويجب على ولي الأمر منعه من التبذير لأنه لم يضع المال في موضعه وتصرف في المال حسب هواه وشهوته من غير مراعاة لمصلحة ولا تقدير للأمور، ومن التبذير أن يجاوز الكفاف ويلبس ويأكل ويشرب ويسكن بالدين مما ليس عنده، وان يهتم بزخرفة البيوت ودور العبادة وغيرها من الأماكن العامة على حساب قوت المواطن.
وقد نهى الإسلام عن التبذير لما فيه من إنكار للنعمة وعدم عمل بطاعة الله تعالى وإقبال على معصيته، وفي مجتمعنا نسمع ونشاهد في المناسبات "الأفراح والأتراح" عجبا، فهناك من يذبح الذبائح ويستأجر أفخم الصالات ويبالغ في الإنفاق فخرا وسمعة ولا يريد بها وجه الله تعالى، فشابه بذلك أعمال الجاهلية التي كانت تنحر الإبل رياء وتذكر ذلك في أشعارها فخرا، فنهى الله تعالى عن ذلك واعتبره إنفاقا في غير وجوه البر، وليس من القربة إلى الله تعالى في شيء، وان ذلك طاعة للشيطان ومعصية للرحمن يباعد من الجنة ويقرب من النيران، فيه رجوع للجاهلية وعاداتها القبيحة، والمبذر معرض للحسد والحقد والفقر والذل للخلق، ومن لم يتب من التبذير فهو أخ للشياطين.