إلى الذين يفهمون متأخراً !!
في حاضرنا الراهن إذا تفحصناه بحثاً عن أسباب توتره وقلاقله تصعقنا أوضاع التخلف والتبعثر والفقر والتردي، التي تغرق فيها بلاد كانت حاضرة الدنيا، ويدير رؤوسنا مشهد الديكتاتور الذي لطالما داس بكل بساطة على رقاب الناس عقوداً ليقول لهم بعد أن تفجر غضبهم عليه ثورة عارمة إنه قد فهم أخيراً وإنه سيفعل لهم وسيعطيهم و.. !!
نتساءل ببراءة أطفال طالما علمونا في المدارس والكتب والتلفزيونات والإذاعات أن وطننا العربي هو أفضل الأوطان ، وأن خيراته لا تغيب عنها الشمس، وبأنه كان معقل الحضارة بالأمس، لماذا إذاً آل أمرنا لما نحن فيه ؟ وكيف وصل الحال بمواطن عربي تمتلئ أرضه بكل الخيرات والنعم ، أن يحرق نفسه قهراً في الطريق العام لأنه لا يجد طعاماً في بلده ولا عملاً ولا أماناً ولا كرامة، عندها نيمم صوب صفحات التاريخ لنعرف أن الظلم وحده يمكن أن يجعل الناس تحرق نفسها في وضح النهار.
لنقرأ هذه الرسالة من جورج الثاني ملك إنجلترا وبلاد الغال والسويد والنرويج “إلى خليفة المسلمين في الأندلس هشام الثالث الجليل المقام، بعد التعظيم والتوقير،،
فقد سمعنا عن الرُقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل، لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم، ولنشر العلم في بلادنا التي يحيط فيها الجهل من أربعة أركانها.
وقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات الأشراف الإنجليز,, لتتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف, وتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وفى حماية الحاشية الكريمة، والحدب من قبل اللواتي سوف يقمن على تعليمهن، وقد أرفقت الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل.. أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص”
من خادمكم المطيع جورج الثاني
(نقلاً عن المؤرخ الإنجليزي : جون دوانبورت)
وهذه رسالة تنقلها مستشرقة ألمانية في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) من فتاة أوروبية إلى أبيها وهي تصف حالها في مستشفى عربي في بلاد المسلمين، تقول فيها : “سجلوا اسمي بعد المعاينة وعرضوني على رئيس الأطباء، ثم حُملت إلى الحمَّام الساخن وأُلبست ثياباً نظيفة من المستشفى، ولمَّا قال لي كبير الأطباء بعد شفائي إنني سأخرج قريباً كرهت ذلك فكل شيء هنا جميل للغاية ونظيف جداً، الأسرَّة وثيرة، وأغطيتها من الدمقس الأبيض والمُلأ بغاية النعومة والبياض كالحرير وفي كل غرفة من غرف المستشفى تجد الماء جارياً فيها على أشهى ما يكون وفي الليالي القارسة تُدفأ كلُ الغرف وأمَّا الطعام، فحدث عنه ولا حرج وحينما أخرج من المستشفى سأحصل على لباس جديد وخمس قطع ذهبية حتى لا أضطر إلى العمل حال خروجي مباشرة.
فلستَ بحاجة إذن، أن تبيع ماشيتك ولكن عليك بالإسراع في المجيء إذا أردت أن تلقاني هنا” ! (نقلاً عن المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه)
أما نور الدين زنكي القائد المجاهد صاحب الأخلاق النبيلة فبنى سنة 1174م قصراً جميلاً في متنزه غرب دمشق سماه (قصر الفقراء) وقفه عليهم من أجل أن يستجموا فيه ويستريحوا ويتنزهوا حينما يريدون, لئلا ينكسر خاطرهم عندما يرون الأغنياء في نزهاتهم وهم غير قادرين على فعل مثلهم, ولئلا تشتعل الأحقاد في القلوب بين طبقات المجتمع !