سفراء ..

سفراء الإسلام

تنبعث في نفس الإنسان المسلم حالة من السعادة والسرور عندما يجد أن الأرقام والإحصائيات العديدة، تشير إلى أن الإسلام يسجل حالة من الصعود والانتشار والتوسع في مناطق واسعة من العالم، وخاصة تلك الصادرة من المصادر الغربية التي يواجه فيها الإسلام حالة من الهجوم الشرس والتشويه. فمثلاً في الدراسة التي أجرتها صحيفة "صنداي تليغراف" البريطانية ونشرتها عام 2009، أشارت بوضوح إلى أن المسلمين سيشكلون 20 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي مع حلول عام 2050، مشيرة إلى أن المسلمين شكلوا عام 2008 نسبة 5 في المئة من سكان دول الاتحاد الأوروبي، وأرجعت السبب في ذلك إلى ارتفاع معدلات المهاجرين من الدول الإسلامية وتدني معدلات المواليد بين الأوروبيين. وهذا السبب سيؤدي إلى أن يصل عدد المسلمين في أوروبا إلى خمس سكان الاتحاد الأوروبي. وحسب دراسات أخرى فإن بلجيكا وعاصمتها بروكسل التي تعد المقر الرسمي للاتحاد الأوروبي ومؤسساته، تشهد أعلى معدلات اعتناق للإسلام في أوروبا.

وتكمن أهمية هذه الدراسات والإحصائيات التي تدرس حالة انتشار الإسلام والداخلين فيه، والتي من المفترض أن تكون محل تحليل ودراسة دقيقة لدينا، في أنها أولاً: تجد لنا صورة واضحة لملامح هذا التمدد والانتشار الذي وصل إليه الإسلام. ثانيّاً: أنها تبين لنا من خلال الخريطة التصاعدية للحالة الدينية، مستوى وعمق المكانة التي وصل إليها موقع الإسلام في العالم في القرن الحادي والعشرين.





صحيح أن هذا التمدد جاء نتيجة عوامل عديدة أهمها كثافة المهاجرين من الدول الإسلامية إلى الغرب والزيادة في معدل مواليدهم، وبساطة تعاليم الإسلام حسب أكثر الباحثين وخلوها من التصورات الغامضة والمعقدة. ولكن الأهم هو الزيادة الكبيرة في عدد معتنقي الإسلام من جميع الشرائح والطبقات الاجتماعية في تلك الدول، الذين هم بحق سفراء للإسلام، والتحولات الجديدة في تعدادهم وتوجهاتهم والتغيير الذي حدث في نمط تفكيرهم نحو هذا الدين، وخاصة أن اعتناقهم للإسلام جاء عن قناعة ودراسة وتفكير عميق، ومقارنة دقيقة بين حقيقة الأديان وما هم عليه من دين، دون أن يكون هناك نوع من التأثير والإكراه والإغراء، كما يفعل المبشرون، أي أن قرار دخولهم الإسلام كان نابعاً من قناعة تامة بأن الإسلام هو دين الحق الذي كانوا يبحثون عنه لينقذهم من حالة التيه التي كانوا يعيشون فيها، ومن حالة الركام المادي الهائل الذي لوث مجتمعاتهم وحياتهم والمتناقضات التي شوهت توجهاتهم العقائدية والفلسفية والأيديولوجية نحو هذا الكون.

وفي كتابه "كات ستيفن من مغن إلى داعية"، الذي يشرح فيه قصة دخوله الإسلام، يصف لنا الداعية البريطاني يوسف إسلام بدقة معالم هذه الصورة قائلاً: "عندما قرأت القرآن وجدت فيه الهداية، فقد أخبرني عن حقيقة وجودي والهدف من الحياة وحقيقة خلقي ومن أين أتيت، وعندما أيقنت أن هذا هو الدين الحق وأن حقيقة هذا الدين تختلف عن فكرة الغرب عنه، وأنه ديانة عملية وليس معتقدات تستعملها عندما تكبر في السن وتقل رغبتك في الحياة، مثل المعتقدات الأخرى، بدأت أدرك أن كل شيء من خلق الله تعالى ومن صنعه وأنه لا تأخذه سنة ولا نوم، عرفت السبب الحقيقي وراء وجودي، وهو الخضوع التام لتعاليم الله تعالى والانقياد له، وهو ما يعرف بالإسلام. إن جمال القرآن يكمن في أنه يدعوك إلى أن تتأمل وتفكر، وألا تعبد الشمس أو القمر، بل تعبد الخالق الذي خلق كل شيء".

ونجد مثل هذه الصورة أيضاً عند د. مراد هوفمان السفير الألماني السابق في المغرب، الذي اعتنق الإسلام بعد دراسة وتفكير عميقين، حيث يوضح في كتابه "يوميات مسلم ألماني" الأسباب التي جعلت الإسلام ينتشر في العالم بقوة على رغم ضعف الجهود المبذولة في الدعوة إليه قائلاً: "إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سمات الإسلام على مر التاريخ لأنه دين الفطرة المنزل على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم". وفي كتابه "الإسلام عام 2000" كان واضحاً أيضاً في رسالته إلى المسلمين عندما قال: إذا أراد المسلمون حواراً حقيقيّاً مع الغرب عليهم أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم وأن يحيوا فريضة الاجتهاد وأن يكفوا عن الأسلوب الاعتذاري والتبريري عند مخاطبة الغرب، فالإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردى الغرب فيها، وهو الخيار الوحيد للمجتمعات الغربية في القرن الحادي والعشرين.

الحمد لله وهاد شي بفرح اكيد