الكلام والصمت:
من الكلمات ما يكون له مغزًى عميقٌ، ويلامس القلوبَ كالندى، وتظلُّ رائحتُه العطرة عَبِقة طيِّبة، وتأتي الشهور والسِّنون، وتلك الكلمات لها وقعُها الحسن، وصداها الجميل، ومن الكلمات ما هي كالحِجارة الصلدة، والمطارق البغيضة، فصاحبُها يُثير الاشمئزاز، ويغرس الكراهيةَ، وينكد الحياة، وهذا النَّوْع من الكلمات بقدر ما هي مستثقلَة مبغضة، فإنَّها دليلٌ بارِز على ثِقل قائلها وبغضه، وأنه من فئة لا تُحتمل، ولا تُطاق رؤيتُها؛ لأنَّها قذًى في العين، وكابوسٌ على الصدر، ونكبة من النكبات.
لقد قال الشافعي ذات مرة ما معناه: إنَّه إذا جلس إلى جانِبه ثقيل، أحسَّ أنَّ جانبه الذي يليه كأنَّه قد أُصيب بالشَّلل.
لماذا لا نختارُ الكلمةَ الطيِّبة، والقول الهادئ السديد، فقد أرشدَنا الله للقوْل الطيِّب، والكلمة الصالحة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 – 71].