الردع:
"آخر الدواء الكي"، هذا مَثَل تقوله العرب، وتعني به: استعمال الشدَّة حين تكون ضروريَّة، كعِلاج لمشكلة، أو إصلاح لفرد.
والضَّرْب قد يُستعمل تأديبًا وزجرًا، والعقوبات المشروعة جاءتْ لصالح البشريَّة، ودفْع المفاسِد عنها، ولهناء المجتمع وراحته، والبلاد التي أغفلتْ هذه الناحية بدعوى الحضارة والتقليد للغربيِّين، أصبحوا يقاسون الأهوال، ويعبث فيهم المجرِمون، والقَتَلة واللصوص والمعتدون، فلا يجدون وازعًا، ولا رادعًا، ولا يخَشَوْن عقوبة، ولا يتوقَّعون شدَّة رادعة، وقد انتُزع عن تلك المجتمعات أمنُها، وزال استقرارها، فعاشتْ في خوف وهلع، وشدَّة وجزع، ولقد نشأتْ آراء تفلسف بها أصحابُها، وحمَّلوا ذنب المجرِم مجتمعَه، وزعموا أنَّ المجرم يحتاج إلى علاج نفساني، لا إلى عقوبة صارِمة، وعابوا الضَّرْبَ للتلميذ المتمرِّد السيِّئ الخُلُق، بحُجَّة التربية الحديثة، فنشأ التلاميذُ في كثير من البلدان لا يعبؤون بتعاليم، ولا يحترمون دِينًا، ولا يُقدِّرون والدًا، ولا يهتمُّون للروابط الأُسريَّة والأُخويَّة، وهكذا نُقضتْ أُسس مكينة، ودبَّت الفوْضى، وطَمَى سيلُ عارم من المفاسد، والرذائل والاستهتار، ووقف الغيورون يتأسَّفون ويحزنون، ويُحذِّرون، ولكن ما أقلَّ السامعين والواعين!