بين الإفراط والتفريط:
بيْن الإفراط والتفريط منزلةٌ محبوبة معتدلة:
فبين الجُبن والتهوُّر: الشجاعة، وبين البخل والتبذير: الإنفاق بحِكمة، وبين الغلو في الدِّين والجفاء فيه: الاستقامة، وبين الإعراض عن مباهج الحِياة والإغراق فيها: التمتُّع بالطيِّبات، وبين الحزن الدائم والاستهتار المستمر: الجِدُّ مع الترويح عن النفس أحيانًا، وبين الشدَّة الصارمة وعدم المبالاة: الحَزْم في رِفق؛ لئلا تتحوَّل الشدَّة إلى ضغط يورث الانفجار، ولا تصبح قلَّة المبالاة مدعاةً للفوضى والإفلات والتعدي، وهذه الأمَّة خيارٌ وسَط بين طوائف الضلال، ودِينها خير الأديان وأعدلها، فليس فيه غلو النصارى، ولا جفاء اليهود.
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]، ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].
فما أحسنَ أن نتدبَّر ديننا، وأن نعالج مشكلاتِنا على ضوْء شريعتنا السمحاء، العادلة الشاملة!
وما أجملَ أن نكون معتدلين في كلِّ شئوننا! حتى تستقيمَ أمورنا، ونستعدَّ - أفرادًا وجماعات - ونردِّد مع المؤمنين: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].