التسامح:
الصفْح والتسامح من الأخلاق الراقية، والآداب الفاضِلة، والخِصال الكريمة، ولو لم يتسامحِ الناس، وآثرَ كلُّ امرئ أن يردَّ على الإساءة بمثلها أو أقبح، وأن يأخذ كلُّ إنسان لنفسه ما يحسبه له، وإن كان غيرَ محقٍّ، ولم يغضَّ الطرف عن هفوة، ولم يعفُ عن زلة، ولم يسامح أخًا وصديقًا، وربما قال شيئًا وهو يريد سواه، وقصد معنى حسنًا، ففُسِّر بغير ما يروم.
إنَّ الناس لو لم يتسامحوا لانقلبتِ الحياةُ إلى معركة دامية، وساحةِ حرب مستعرة، لا يهدأ أُوارها، ولا يحمد لَهبُها، ولا ينعم فيها الناس براحة بال، أو سلامة طويَّة، أو هدوء خاطر، ولكن التسامح والصفح يُحيلان المشكلاتِ إلى أشياءَ لا أهمية لها، ويحببان الناسَ بعضهم إلى بعض، وكفى بها صفةً عظيمة كظمُ الغيظ، والعفو عن الناس.
♦ قال أبو مسعود كاتِب الشريف الرضي: كنَّا في مجلس الرضي، فشكا رجل من أخيه فأنشد الرضي:
اعْذِرْ أَخَاكَ عَلَى ذُنُوبِهْ
وَاسْتُرْ وَغُضَّ عَلَى عُيُوبِهْ
واصْبِرْ عَلَى بُهْتِ السَّفِي
هِ وَلِلزَّمَانِ عَلَى خُطُوبِهْ
وَدَعِ الْجَوَابَ تَفُضُّلاً
وَكِلِ الظَّلُومَ إِلَى حَسِيبِهْ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْحِلْمَ عِنْ
دَ الْغَيْظِ أَحْسَنُ مِنْ رُكُوبِهْ