المعاريض:
في المعاريض مَنْدوحٌة عن الكذب، وقد يلجأ الإنسانُ إلى مقام يُحرَج فيه، فيتردَّد بين الكَذِب وقوْل الحقيقة، فالكَذِب حرام، وعاقبته سيِّئة، وهو إن قال الصِّدق فقد يجرُّ عليه متاعبَ ومشاكل، فيفضل سُلوك خطَّة وُسْطى، ويجد في المعاريض ما يُغنيه عن ركوب المرْكَب الصعب.
♦ قال الشيخ أحمد بن قدامة في "مختصر منهاج القاصدين":
وتُباح المعاريض لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ في المعاريضِ مندوحةً عن الكذب))، وإنما تصلح المعاريض عندَ الحاجة إليها، فأمَّا مع غير الحاجة فمكروهة؛ لأنها تُشبه الكذب.
فمِن المعاريض ما رُوِّينا عن عبدالله بن رَواحة - رضي الله عنه - أنَّه أصاب جاريةً له، فعلمتِ امرأتُه، فأخذت شفرةً، ثم أتتْ فوافقته قد قام عنها، فقالتْ: أفعلتَها؟ فقال: ما فعلتُ شيئًا، قالت: لتقرأنَّ القرآن، أو لأبعجنَّك بها، فقال - رضي الله عنه -:
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ
إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ
إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا
بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
فقالت: آمنتُ بالله، وكذَّبتُ بصري.
♦ وكان النَّخَعي إذا طُلِب، قال للجارية قولي لهم: اطلبوه في المسجد.