التواضع:
التواضُع صِفة محبوبة، وخلَّة محمودة، يَلْقَى صاحبه التقدير والحبّ، ويُقابَل بالترحيب والوُدّ، أما المتكبِّر فعلى النقيض من ذلك، فهو مُزدرًى محتقَر، والناس له كارهون، وعن وُدِّه نافرون، لا يألف ولا يُؤلف، وبقدر ما يعلو في نفسه ويتعاظم في غُروره، فإنه يهبط دَرَكات، ويمقتُه الأباعِد والأقارب، فهو في شقاء وعناء، ولأمرٍ ما يكون المتكبِّرون يومَ القيامة عند حشْرهم في صور الذرِّ، يطؤهم الناس بأقدامهم؛ معاملةً لهم بعكس ما أمَّلوا، وجزاء ما غمطوا وتجبَّروا.
♦ وقال أحمد بن عبد ربِّه الأندلسي:
وَجْهٌ عَلَيْهِ مِنَ الْحَيَاءِ سَكَينَةٌ
وَمَحَبَّةٌ تَجْرِي مَعَ الْأَنْفَاسِ
وَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ يَوْمًا عَبدَهُ
أَلْقَى عَلَيْهِ مَحَبَّةً لِلنَّاسِ
♦ قال رجاء بن حَيْوة لعبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز: ما رأيتُ أكرمَ أدبًا، ولا أكرمَ عِشرةً من أبيك، سمرتُ عندَه ليلة فبينا نحن كذلك إذ عشَى المصباح، ونام الغلام، فقلتُ: فلو أذنتَ لي أصلحتُه، فقال: إنه ليس من مروءة الرجل أن يستخدِمَ ضيفَه، ثم حطَّ رِداءَه عن منكبه، وقام إلى الدابة فصبَّ من الزَّيْت في المصباح، وأشْخص الفَتيلة، ثم رجع، وأخذ رداءَه، وقال: قمتُ وأنا عمر، ورجعتُ وأنا عمر.
♦ وقال الفضل بن سهل: من كانت ولايته فوق قدره تكبَّر لها، ومن كانت ولايته دون قدره تواضع لها.