رِضا الناس غايةٌ لا تُدرك، هذا صحيح، ولو أنْصَف الناس لاستراح القاضي، والنَّقْد النزيه ضروريٌّ بشرْط أن يكون بعيدًا عن الغايات السيِّئة والتشهير، وتعمُّد الإساءة، وتحميل الكلام ما لا يحتمل، واتباع العَوْرات، وتتبُّع العَثَرات، ولكنَّه النقد الباني، الذي يهدف إلى الإصلاح والتنبيه، وتعديل المعوَّج، واجتناب الخطأ.
والنصيحة لها شأنٌ في الدِّين معروف، حتى ورد في الحديث: ((الدِّينُ النصيحةُ))، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مِن شعائر الإسلام وشاراته، وقد لُعِنتْ أمَّةٌ تركتِ الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإذًا فإنَّ التنبيهَ والتعاون والتناصح، وبيان الحق في غير استعلاء، أو عدوان، أو إشاعة للفاحشة، أو قصْد الانتقام - هي من الأمور الدالَّةِ على سلوك الطريق الصحيح، والمحجَّة البيضاء.
أمَّا الذي يَكيل المديحَ، ويُسرِف في الإطراء، ويغفل عن الأخطاء؛ طمعًا في نَيْل مغنم، أو سلامة من مَغْرم، فذلك مزوِّر للحقائق، مشجِّع على التمادي في الخطأ، يزيِّن الباطل، ويتجاهل الحقّ، ويُعين على التردِّي في الهاوية، فلا ينبغي الشطط، والعنف والتهور، ولا يَحسُن الغلو والإطراء والتزييف، وخيرُ الأمور أوساطُها.