الأدب العربي:
الأدب العربيُّ مظلوم، وقد تنكَّر له الكثيرون من الناشئة، حسبوه أدبًا مصطنعًا لم يتطرَّق إلاَّ لموضوعات قليلة، وأنه لا يمكن اعتبارُه تعبيرًا عن مشاعرِ أهل وقْتِه وأحوالهم، ولا يعكس صورةً صحيحة عن أوضاع ذلك المجتمع الذي يعيش فيه الشاعِرُ والأديب، وفي هذا القَوْل جحودٌ وتحامل وجَهْل، يكفي لدحضِه الاطلاعُ على ما أنتجَه الأدباء العرب شِعرًا ونثرًا، ومِن جيِّد ما جاء في الأدب العربي مِن الرِّثاء قولُ أبي ذؤيب الهُذَلي يرثي أولادَه:
أَمِنَ الْمَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ
وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
قَالَتْ أُمَامَةُ مَا لِجِسْمِكَ شَاحِبًا
مُنْذُ ابْتُذِلْتَ وَمِثْلُ مَالِكَ يَنْفَعُ
وَلَقَدْ حَرِصْتُ بِأَنْ أُدَافِعَ عَنْهُمُ
وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَقْبَلَتْ لاَ تُدْفَعُ
وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا
أَلَفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لاَ تَنْفَعُ
فَالْعَيْنُ بَعْدَهُمُ كَأَنَّ جُفُونَهَا
كُحِلَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عَوْرٌ تَدْمَعُ
وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِينَ أُرِيهُمُ
أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُ
حَتَّى كَأَنِّي لِلْحَوَادِثِ مَرْوَةٌ
نِصْفُ الْمُشَقَّرِ كُلَّ يَوْمٍ تُقْرَعُ
لاَ بُدَّ مِنْ تَلَفٍ مُقِيمٍ فَانْتَظِرْ
أَبِأَرْضِ قَوْمِكَ أَمْ بِأُخْرَى الْمَضْجَعُ
وَلَقَدْ أَرَى أَنَّ الْبُكَاءَ سَفَاهَةٌ
وَلَسَوْفَ يُولَعُ بِالْبُكُا مَنْ يُفْجَعُ
وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ يَوْمٌ مَرَّةً
يُبْكَى عَلَيْكَ مُقَنَّعًا لاَ تَسْمَعُ
فَلِئِنْ بِهِمْ فَجَعَ الزَّمَانُ وَرَيْبُهُ
إِنِّي بِأَهْلِ مَوَدَّتِي لَمُفَجَّعُ
وَالنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَهَا
وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيلٍ تَقْنَعُ
♦ قالتْ أمُّ السليك بن السلكة - العدَّاء المشهور - وقيل: إنها لأمِّ تأبَّط شرًّا:
طَافَ يَبْغِي نَجْوَةً
مِنْ هَلاَكٍ فَهَلَكْ
لَيْتَ شِعْرِي ضَلَّةً
أَيَّ شَيْءٍ قَتَلَكْ
وَالْمَنَايَا رُصَّدٌ
لِلْفَتَى حَيْثُ سَلَكْ
كُلُّ شَيْءٍ قَاتِلٌ
حِينَ تَلْقَى أَجَلَكْ
لَيْتَ نَفْسِي قُدِّمَتْ
لِلْمَنَايَا بَدَلَكْ
أَيُّ شَيْءٍ حَسَنٍ
لِلْفَتَى لَمْ يَكُ لَكَ
♦ قال أبو بكر بن عبدالله المزني:
الدنيا ما مضى منها فَحُلم، وما بقي منها فأمانيّ.
♦ وقال محمد بن واسع: ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث: بُلْغة مِن عيش ليس لأحد فيها عليَّ مِنَّة، ولا لله فيها عليَّ تَبِعة، وصلاة في جَمْع أُكْفى سهوها، وأخ في الله إذا ما اعوججتُ قوَّمَني.