الأيام دول:
الأيام دُول، فلا يغترّ بها عاقل إن أقبلتْ، ولا ييأس إن أدبرتْ، فيومٌ لك ويوم عليك، ولو دامتْ في عزِّها ورخائها لأحد لدامتْ للملوك وأهلِ الثروة والجاه، فما الدنيا بمخلدة لحيّ، وما هي إلا متاعُ الغرور، والمحظوظ مَن اعتبر واتَّعظ وعمل خيرًا، والمغبون مَن انخدع بها، وحسب الحياةَ نهاية، وغفل عن القبر وأهواله، والبعثِ وزَلازله، والحسابِ وشدَّته، والصراط ولَهَبِ النار.
قال قيس بن الخطيم:
وَمَا بَعْضُ الْإِقَامِةِ فِي دِيَارٍ
يُهَانُ بِهَا الْفَتَى إِلاَّ بَلاَءُ
وَبَعْضُ خَلاَئِقِ الْأَقْوَامِ دَاءٌ
كَدَاءِ الْبَطْنِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ
يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ مَا يَشَاءُ
وَكُلُّ شَدِيدَةٍ نَزَلَتْ بِحَيٍّ
سَيَأْتِي بَعْدَ شِدَّتِهَا رَخَاءُ
وَلاَ يُعْطَى الْحَرِيصُ غِنًى لِحِرْصٍ
وَقَدْ يَنْمَى مَعَ الْجُودِ الثَّرَاءُ
غَنِيُّ النَّفْسِ مَا اسْتَغْنَى غَنِيٌّ
وَفَقْرُ النَّفْسِ مَا عَمِرَتْ شَقَاءُ
وَلَيْسَ بِنَافِعٍ ذَا الْبُخْلِ مَالٌ
وَلاَ مُزْرٍ بِصَاحِبِهِ السَّخَاءُ
وَبَعْضُ الدَّاءِ مُلْتَمَسٌ شِفَاهُ
وَدَاءُ النَّوْكِ لَيْسَ لَهُ شِفَاءُ