نادرة:
قال أبو الحسن المدائنيُّ: مَرِض فتًى عندنا، فقال له عمُّه: أيَّ شيء تشتهي؟ قال: رأسَ كبشين، قال: لا يكون، قال: فرأس كبش.
♦ وقال الشاعر:
ذَكَرْتُ أَبَا الرَّوَى فَبِتُّ كَأَنَّنِي
بِرَدِّ الْأُمُورِ الْمَاضِيَاتِ وَكِيلُ
لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فُرْقَةٌ
وَكُلُّ الَّذِي دُونَ الْمَمَاتِ قَلِيلُ
وَإِنَّ افْتِقَادِي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ
دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لاَ يَدُومَ خَلِيلُ
♦ وقال لبيد بن ربيعة:
تَمَنَّى ابْنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا
وَهَلْ أَنَا إِلاَّ مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ
إِذَا حَانَ يَوْمًا أَنْ يَمُوتَ أَبُوكُمَا
فَلاَ تَخْمِشَا وَجْهًا وَلاَ تَحْلِقَا شَعَرْ
وَقُولاَ هُوَ الْمَرْءُ الَّذِي لَيْسَ جَارُهُ
مُضَاعًا وَلاَ خَانَ الصَّدِيقَ وَلاَ غَدَرْ
إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلاَمِ عَلَيْكُمَا
وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كَامِلاً فَقَدِ اعْتَذَرْ
♦ قيل لبعض العلماء: مَن أسوأُ الناس حالاً؟ قال: عبدالله بن عبدالأعلى الشيباني، القائل عند موته: دخلتُها جاهلاً، وأقمت فيها حائرًا، وأُخرجتُ منها كارهًا؛ يعني: الدنيا.
♦ قال المدائنيُّ: قَدِم رجلٌ من عبس ضرير، محطوم الوجه، على الوليد فسأله عن سبب ضرِّه، فقال: بتُّ ليلة في بطن وادٍّ، ولا أعلم على الأرض عبسيًّا يَزيد ماله على مالي، فطرقَنَا سيلٌ فأذهب ما كان لي مِن أهل ومال وولد، إلا صبيًّا رضيعًا، وبعيرًا صعبًا، فندَّ البعير والصبيُّ معي فوضعتُه واتبعتُ البعير لأحبسَه، فما جاوزت إلاَّ ورأس الذِّئب في بطنِه قد أكلَه، فتركتُه واتبعتُ البعيرَ فاستدار فرَمَحني رمحةً حطَّم بها وجهي، وأذهب عيني، فأصبحتُ لا ذا مال ولا ذا ولد، فقال الوليد: اذهْبوا به إلى عُروة؛ ليعلمَ أنَّ في الناس مَن هو أعظم بلاءً منه.
وكان عروة قد أُصيبت رِجلُه بالأكلة، فقُطِعت، ثم إنَّ فرسًا رفست أحبَّ أبنائه إليه فماتْ، وقد أظهر عروةُ صبرًا عجيبًا.
♦ قيل: إن عمر بن عبدالعزيز قال قبل خلافته:
انْهَ الْفُؤَادَ عَنِ الصِّبَا
وَعَنِ انْقِيَادٍ لِلْهَوَى
فَلَعَمْرُ رَبِّكَ إِنَّ فِي
شَيْبِ الْمَفَارِقِ وَالْجِلَى
لَكَ وَاعِظًا لَوْ كُنْتَ تَتْ
تَعِظُ اتِّعَاظَ ذَوِي النُّهَى
حَتَّى مَتَى لاَ تَرْعَوِي
وَإِلَى مَتَى وَإِلَى مَتَى
مَا بَعْدَ أَنْ سُمِّيتَ كَهْ
لاً وَاسْتُلِبْتَ اسْمَ الْفَتَى
بَلِيَ الشَّبَابُ وَأَنْتَ إِنْ
عُمِّرْتَ رَهْنٌ لِلْبِلَى
وَكَفَى بِذَلِكَ زَاجِرًا
لِلْمَرْءِ عَنْ غِيٍّ كَفَى
♦ قال أبو العيناء: كنتُ بحمص فمات لجارٍ لي بنتٌ، فقيل له: كم لها؟ قال: ما أدري ولكنَّها وُلِدتْ أيَّام البراغيث.