تضخيم التوافه:
اثنان حَصَل بينهما سوءُ تفاهم قليل، واستشار أحدُهما صديقًا له، فهوَّل عليه وضخَّم، وجعل سوءَ التفاهم هذا كأنَّه كارثة من الكوارث، وكأنَّه أمرٌ لا يَقبل الوِفاق والتصافي، واستعادة الثقة، وصوَّر له الحادث كأنَّه حرب «البسوس»!
ولم يقنع بمشورة صاحِبه، فاستشار صديقًا له آخرَ، فهوَّن عليه الأمر، واستغرب أن يحدُث سوء تفاهم بين صديقَين، وازداد غرابةً ودهشة أن يكون لسوء التفاهم هذا أثرٌ لا يُمحَى في حينه، وحثَّه على المسارعة للصُّلْح والمسامحة، وأنبأه أنَّ ما حَدَث لا يستحق الجفاءَ والتباغض، وأنَّ الناس لو تباغضوا عند أقلِّ اختلاف لأصبحتْ حياتهم جحيمًا لا يُطاق، ولأضحتْ معيشتهم نكدًا وبؤسًا.
وقال: إنَّ الدِّين والفِطرة، والعاداتِ الكريمة، والخصالَ الحميدة، كلها تدعو للوِفاق والتعاون، والتفاهم بين المسلمين، وقد نهى الإسلامُ عن التقاطع والتدابر، والشحناء والبغضاء، والهجران، وهكذا زالتْ مِن نفس صاحبه الموجدة التي وجَدَها على أخيه، وعاد الصفاءُ بينهما كأحسنِ ما يكون الصفاء.